شغارا، فإن الرقبة غير البضع وإن تبعها، وبطل المهر لكل منهما إن زوجه الآخر بنته على تزويج الجارية وكون الرقبة مهرا لأنه شرط نكاح إحداهما في الأخرى، وقد عرفت أنه ليس شرطا للنكاح، فجعل جزء المهر نكاح البنت ومهرا لنكاح الجارية وهو مجهول، فيجهل المهر المسمى فيبطل، ويجب مهر المثل لكل منهما، وإن كان في ذلك كله ما عرفت. ولو زوج عبده من امرأة وجعل رقبته صداقا لها بطل المهر، لأن صحته يؤدي إلى فساده، إذ هي تقتضي ملكه، وهو يمنع العقد، فيبطل المهر حينئذ ويثبت مهر المثل، ويصح العقد على الأقوى.
وكيف كان فالأقوى أن بطلان الشغار للنهي عنه المقتضي للفساد في المعاملة على ما حققناه في الأصول، لا لأنه تعليق بمعنى أنه علق فيه التزويج على التزويج، ضرورة عدم اعتبار التعليق فيه في متن العقد، بل هو غير مقصود للمتعاقدين به، وإنما قصدهما إلزام كل منهما الآخر بالتزويج بلا مهر غير البضع، وهو المسمى في عرفنا الآن بالمباضعة، ولا لأنه اشتراط عقد في عقد، ضرورة عدم اقتضاء ذلك الفساد، وقد سمعت تصريحهم بالصحة في اشتراط النكاح في النكاح بمهر معلوم، ولا لاشتراك البضع بين الامرأة المجعول في مهرها وبين الرجل الذي وقع له عقد النكاح، فأشبه نكاح الامرأة من رجلين، مضافا إلى عدم قابلية البضع مهرا، ضرورة اقتضاء ذلك كله فساد المهر لا العقد ولا ملازمة بينهما في النكاح.
ومن هنا ذهب أبو حنيفة إلى صحة نكاح الشغار والرجوع إلى مهر المثل لكن يرده ما سمعت من اقتضاء النهي عنه الفساد، ودعوى رجوع النهي إلى المهر لا إلى أصل النكاح يدفعه أنه واقع عن الشغار، وهو اسم للنكاح المخصوص، بل لا ينكر ظهور النصوص (1) المزبورة في إرادة النهي عنه من حيث كونه شغارا نحو النهي (2) عن بيع الحصاة والملامسة، وحلية أصل النكاح لا ينافي ذلك، ولعل هذا