الفرق في ذلك بين دين معين وعدمه وادرار مؤنته مدة معينة وعدمه، وبين تقدير ما يأخذه منه أو اطلاقه، وبين الانتفاع به مدة حياته أو مدة معلومة، كل ذلك للقاعدة المزبورة.
وإلا فليس في النصوص إلا مكاتبة علي بن سليمان (1) إلى أبي الحسن (ع) " جعلت فداك ليس لي ولد ولي ضياع ورثتها عن أبي وبعضها استفدتها ولا آمن الحدثان فإن لم يكن لي ولد وحدث بي حدث فما ترى جعلت فداك، لي أن أقف بعضها على فقراء إخواني والمستضعفين أو أبيعها وأتصدق بثمنها عليهم في حياتي، فإني أتخوف أن لا ينفذ الوقف بعد موتي، فإن وقفتها في حياتي فلي أن آكل منها أيام حياتي أم لا، فكتب (عليه السلام) فهمت كتابك في أمر ضياعك، فليس أن تأكل منها من الصدقة فإن أنت أكلت منها لم تنفذان كان لك ورثة، فبع وتصدق ببعض ثمنها في حياتك، وإن تصدقت أمسكت لنفسك ما يقوتك، مثل ما صنع أمير المؤمنين (عليه السلام) ".
وخبر طلحة بن زيد (2) عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) " أن رجلا تصدق بدار له وهو ساكن فيها فقال: الحين أخرج منها " وبعض النصوص الآتية في مسألة اشتراط العود إليه عند الحاجة.
مع أن في خبر أبي الجارود عن الباقر (عليه السلام) لا يشتري الرجل ما تصدق به، وإن تصدق بمسكن على ذي قرابة فإن شاء سكن معهم وإن تصدق بخادم على ذي قرابة خدمه انشاء الله.
بل عن النهاية إذا وقف انسان مسكنا جاز له أن يقعد فيه مع من وقف عليه، و ليس له أن يسكن غيره فيه، ولعله نظر إلى الخبر المزبور الذي لا بد من حمله على إذن الموقوف عليه، وإلا كان مخالفا للقواعد وغيرها ولا جابر له.
نعم ليس في تلك المكاتبة وغيرها اخراج النفس، بل ولا جميع ما ذكروه، فيكون منشؤه القاعدة المزبورة، ولكن الظاهر عدم اقتضائها بطلان اشتراط ذلك على جهة الاستثناء له من التسبيل الذي قصده بالوقف لقاعدة " المؤمنون " " والوقوف " وغيرهما.
بل ربما كان المراد من قوله (عليه السلام) في المكاتبة المزبورة، " وإن تصدقت أمسكت لنفسك ما يقوتك " كما عساه يظهر من عنوان الحر في الوسائل، أقصاها بطلان استحقاقه