بكونه حبسا.
وبذلك يظهر لك وجه نقل الأصحاب في المسألة، ففي المختلف ومحكي الإيضاح نسبة صحته وقفا إلى الشيخين وابن الجنيد وسلار وابن البراج وابن إدريس، وقال ابن حمزة " يكون حبسا بلفظ الوقف "، وعن المهذب البارع مثل ذلك، وفي التنقيح نسبته إلى النافع والشيخ وابني حمزة وإدريس والعلامة وفي محكي المقتصر أنه يكون سكنى أو عمري أو حبسا بلفظ الوقف ونسبه إلى الشيخين وتلميذهما وأبي علي وابن إدريس والمحقق في النافع وقد سمعت ما في جامع المقاصد، ولا تلتئم كلماتهم إلا على ما ذكرنا مؤيدا بأن المفهوم من أدلتهم وعنوانهم وغير ذلك كون البحث في صحة الوقف المنقطع آخره وبطلانه، ومن المعلوم أن المراد مع قصد الوقفية، وهذا لا يمكن القول بصحته حبسا، ضرورة كون الحبس عقدا آخر يحتاج إلى قصد مستقل وهو مباين لقصد الوقف المقتضي لنقل العين للموقوف عليه وخروجها عن الواقف بخلاف الحبس فلا يتصور حينئذ القول به في مفروض المسألة إلا على إرادة المساواة له في الحكم كما هو واضح بأدنى تأمل.
نعم القول بالحبس في مسألة أخرى وهي أنه بعد البناء على بطلان الوقف المنقطع لو عبر بلفظ وقفت وجعل متعلقها منقرضا، فهل يكون ذلك قرينة على قصد الحبس دون الوقف نحو ما سمعته في الاقتران بمدة، وهذه مسألة لفظية لها طريق آخر من الاستدلال لا نحو هذا المذكور في كلماتهم، وقد عرفت تحقيق الحال في نظيرها، وهي الاقتران بمدة.
ومن ذلك يظهر لك ما في جامع المقاصد والمسالك من ذكر أقوال ثلاثة، أحدها الحبس في مفروض مسألة المتن وغيره من كتب الأصحاب التي هي صحة الوقف المنقطع وعدمها، وأعجب من ذلك ما أطنب في الرياض من أن المسألة ذات قولين: أحدهما البطلان مطلقا، والآخر الصحة والمراد الصحة حبسا لا وقفا، واستشهد على ذلك بتصريح جماعة ممن قال بالصحة بانتقال العين الموقوفة بعد الانقراض إلى الواقف وورثته، و هذا من لوازم الحبس فتكون كلمة القائلين بالصحة متفقة على إرادة الصحة حبسا لا وقفا، وهو من غرائب الكلام، وما كنا لنؤثر وقوع ذلك منه خصوصا بعد قول جماعة منهم