بعضهم ندور الثمرة في الفرق بينهما، وإنما هي في النذر والوصية، والنية المصححة لمثل هذا الوقف إن كان متعلقها الحبس والمفسدة له إن كان الوقف، ونحو ذلك فلا يفيد حينئذ نقل العين إلى الموقوف عليه، وإن أفاده في المؤبد - فيدفعها ظهور أدلة الوقف في اتحاد مقتضاها في جميع أفراده، وإلا لاقتضى التوقف حينئذ في الحكم بملك العين وعدمه في نحو الفرض المحتمل لانقراض الموقوف عليه وعدمه وهو معلوم البطلان كما هو واضح.
ومن الغريب دعوى هؤلاء كون الفرض من الحبس، وقولهم بندور الثمرة بينه و بين الحبس، ضرورة عدم معقولية ذلك إلا على جعله وقفا، كي يتجه ظهورها بمثل النذر واليمين، كل ذلك ناش من عدم تحريهم المسألة على وجهها.
ولا يخفى عليك بعد الإحاطة بما ذكرناه ما في كثير من الكلمات في المقام - فضلا عما فيها من التشويش، والله الهادي والحافظ من زلل الأقدام والأقلام - ولا ما في دليل القول بالبطلان الذي أرسله الشيخ المبني على دعوى اعتبار الدوام في الوقف على وجه يشمل الفرض - وهي مصادرة محضة، كدعوى رجوع ذلك إلى التوقيت الذي قد عرفت بطلانه، للفرق الواضح بينهما وعلى أنه يكون وقفا على مجهول وهو باطل وفيه أن المجهول إن أريد به بالابتداء فظاهر فساده، وإن أريد به بعد الانقراض فليس هناك موقوف عليه أصلا، فلا يحكم عليه بالجهالة، إذ بعد انقراضه يبطل الوقف ويصير موروثا كما عرفت.
وكذا ظهر لك الحال أيضا فيما ذكره المصنف وغيره بقوله (فإذا انقرضوا رجع إلى ورثة الواقف، وقيل: إلى ورثة الموقوف عليهم) وقيل: يصرف في وجوه البر (و) أن (الأول أظهر) وأشهر بل المشهور، والله العالم.
هذا كله فيما لو حصل الانقراض في الموقوف عليه، وأما مع فرض دوام له وإن كان محتملا من أول الأمر، فلا وجه لاحتمال البطلان حينئذ، فلو قال: وقفت على أولادي و نسلهم، فإن مات الأولاد ولا نسل، فعلى إخوتي، فإذا انقرض النسل فعلى الفقراء، و اتفق حصول النسل وانقراضهم، صح الوقف بلا اشكال لعموم " الوقوف (1) " وغيره لكن