وإن لم يجز الوارث، وجعلها لازمة عليه في غير محله، كما أنه لا دليل عليه، إذ ليس إلا الخبران السابقان ومضمونهما ما عرفت مما هو غير مخالف لشئ من الأصول، ضرورة جواز مضاربة الوصي بمال الطفل مع المصلحة وإن لم يوص إليه بذلك، فكيف إذا أوصى له.
نعم قد تزيد صورة الوصية باعتبار عدم المفسدة، لا المصلحة، وهو شئ خارج عما نحن فيه فتأمل جيدا، فإنه به يظهر لك ما في كلام جماعة، كما أنه يظهر لك عدم تحرير هذه المسألة في شئ من كلماتهم، بل ولا مسألة الوصية بما لا يقتضي نقص القيمة في التركة.
ففي القواعد ولو أوصى ببيع تركته بثمن المثل ففي اشتراط الإجازة اشكال، وفيها أيضا - قبل ذلك - " ولو خصص كل واحد بعين هي قدر نصيبه فالأقرب الافتقار إلى الإجازة، لظهور الغرض في أعيان الأموال، وكذا لو أوصى أن يباع غير ماله من انسان بنقد ثمن المثل، ولو باع عين ماله من وارثه بثمن المثل نفذ " وظاهره الاشكال بعد الجزم وللمسألة فروع كثيرة ومنشأ الإشكال فيها من عموم أدلة الوصية المقتضي لوجوب العمل بما يرسمه الموصي ما لم يكن منافيا للشرع، كما سمعته من المصنف أو غيره، بل قد يشير به في الجملة خبر عباس بن معروف (1) المشتملة على وصية ميمون ببيع جميع تركته وايصالها إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) ففعل الوصي فأخذ أبو جعفر (عليه السلام) الثلث منها وأمر برد الباقي إلى الوصي ليرده على الورثة " الظاهر في الاقرار على البيع.
وغير ذلك مما يدل على وجوب انفاذ الوصية، ومن كون ذلك نوع ضرر على الوارث لتعلق الغرض في الأعيان، ولعل الأول لا يخلو من قوة، ما لم يكن اضرارا بالوارث لاطلاق النهي عنه.
بقي شئ: وهو أن الظاهر كون المضاربة واقعة من الوصي بإذن من الموصي لا أن ايجابها قد وقع من الموصي، ضرورة عدم ثبوت الوصية العقدية في غير التمليك على حسبما عرفته في تعريفها، فما عساه يتوهم - أن اللفظ الموجود في الخبر نفسه مضاربة - في غير محله، خصوصا ولم يكن مال للطفل في ذلك الحال، ضرورة أن المراد