الثلث حين الوفاة لا حين الوصية، ولا ما بينهما ولا ما بعد الوفاة، لأنه الوقت الذي تنتقل فيه التركة إلى الوارث " أو بما سمعت من أن المقصود من التقييد في نحو المتن الرد على بعض الشافعية القائل بكون العبرة وقت الوصية، ضرورة تنزيل الموصى له مع الوارث منزلة الشريك، في أن ما يبقى لهما، وما يتلف عليهما، كما هو واضح فيما لو كان الموصى به الثلث، أو حصة مشاعة منه، بل لو كان الموصى به شيئا معينا كان مرجعه الوصية بمقدار ما يساوي قيمتها من الثلث، فهو أيضا كالشريك، وكذا لو أوصى بمقدار كلي كالمأة دينار، وكانت بعض الثلث.
إنما الاشكال في أن هذا ونحوه هل يرجع إلى الوصية بحصة مشاعة من الثلث حتى أن التالف منه ينقص من الموصى به على حسب النسبة، لأنه كالوصية بربع الثلث مثلا، أو أنه لا يرجع إلى ذلك، بل هو كلي مضمون في الثلث، حتى لو لم يبق منه إلا مقدار ما يساوي ذلك نفذت الوصية، وجهان: منشؤهما أن الكلي يملك في الخارج لا على جهة الإشاعة على وجه تشمله عمومات الوصية مثلا، أو أنه لا يملك إلا على جهة الإشاعة إلا ما خرج بالدليل، كبيع الصاع من الصبرة، بناء عليه لخبر الأطنان وربما يؤيد الثاني تنزيلهم الأرطال المستثناة في بيع الثمار على الإشاعة، وكذا الشاة مثلا في الزكاة.
لكن الأمر في الوصية واسع فلا يبعد قابليتها للتمليك على هذا الوجه، وقد تقدم تحرير هذه المسألة في باب الزكاة والبيع، فلاحظ، على أن دعوى عدم ملكية الكلي في الخارج إلا على جهة الإشاعة خالية عن الدليل، بل ملك أحد السيوف في الحياة مثلا والوصية ونحوهما قاض بخلافه، والتحقيق في المسألة ما أشرنا إليه من أن الإشاعة تارة تكون من نفس الوصية، بأن يوصى به على وجه الإشاعة، وأخرى تكون من حكم الشارع بأن للميت الثلث ولا ريب في اقتضاء الأولى قواعد الشركة، كما أنه لا ريب في اقتضاء الثانية النقصان بنقصان الثلث، وإلا وجب الأداء ما دام ممكنا وإن نقص من أصل التركة ما نقص، ولا يتدارك الموصى به بكسر من الكسور، على وجه ينقص منه بالنسبة، ضرورة عدم دليل عليه، ومنافاته لما دل على وجوب العمل