لم يكن له الامتناع، وإن قلنا ليس المقام كالسلم، فله المطالبة بالبدل، والله العالم.
ولو ظهر استحقاق نصف العين الموهوبة، رجع بنصف العوض، بل قيل: له أن يرد الباقي ويرجع بجميع الثواب خلافا للمحكي عن أحد قولي الشافعي، حيث قال:
ببطلان هبة الكل، ولو ظهر استحقاقها بعد تلفها في يد المتهب، ففي القواعد الأقرب رجوعه على الواهب بما غرمه من القيمة، وإن زادت عن العوض أو قلت عنه، وعن الإيضاح وجامع المقاصد أنه الأصح، وقد تقدم في باب البيع ويأتي في الغصب ما يستفاد منه تحقيق ذلك والله العالم.
(و) كيف كان ف (لو تلفت) العين الموهوبة في يد المتهب (والحال هذه) أي كان مشروطا فيها الثواب (أو عابت لم يضمن الموهوب له) عند المصنف والفاضل وولده في محكي التذكرة والشرح، وإن كان ذلك بفعل المتهب (لأن ذلك حدث في ملكه) ولأن المتهب لا يجب عليه دفع العوض، وللواهب الرجوع في العين، فالتفريط منه بتركها في يد من يجوز له ذلك فيها بتسليطه.
(و) لكن (فيه تردد) بل منع كما عن ابن الجنيد وجمع من المتأخرين لعموم " أوفوا " ونحوه، ولأن قبضها على أن يؤدي عوضها ولأن الواجب أحد الأمرين ردها أو دفع العوض، فإذا تعذر الأول وجب الثاني، وبذلك يظهر لك ما في دليل القول الأول - ضرورة دخولها في ملكه، ولا هو سلطه عليها كذلك، وعدم وجوب دفع العوض إن أريد به عدم وجوبه عينا لم يلزم منه نفي الوجوب على البدل الذي هو المدعى، و حينئذ فإذا تعذر أحد الأمرين المخير فيهما وجب الآخر عينا وإن أريد عدم الوجوب أصلا فهو ممنوع - لكن المراد بالضمان هنا وجوب دفع العوض إذا كان معينا، و المثل أو القيمة إذا كان مطلقا لأنه هو مقتضى الأمر بالوفاء، وقوله " والمؤمنون " وغير ذلك مما تقدم سابقا لا القيمة على كل حال، لأن العين مضمونة على القابض والشرط لا يجب عليه قبوله، إذ فيه أنها مضمونة بالعوض لا غير، ودعوى عدم وجوب قبول العوض ممنوعة، كما عرفت، وما في المسالك من أقل الأمرين من ذلك، ومن العوض قال: لما عرفت من أن المتهب مخيرين الأمرين والمحقق لزومه هو الأقل، لأنه إن كان العوض هو الأقل