أذن للموهوب بقبضه على وجه التقابض بينه وبين من عليه الدين، إذا فرض كون الموهوب مديونا لمن عليه الدين بقدرة، ولا قائل بالفرق - فلا إشكال فيه حينئذ.
كل ذلك مضافا إلى ما يشعر به صحيح صفوان (1) " سألت الرضا (عليه السلام) عن رجل كان له على رجل مال فوهبه لولده، فذكر له الرجل المال الذي له عليه، فقال له: ليس عليك فيه شئ في الدنيا والآخرة، يطيب ذلك له؟ وقد كان وهبه لولد له؟ قال: نعم يكون وهبه له، ثم نزعه فجعله لهذا " - من صحة هبته، وإنما جاز له نزعه منه لعدم حصول القبض واطلاق لفظ النزع باعتبار ايجاد عقد الهبة الذي هو جزء السبب المملك.
ومن ذلك يظهر لك أن حمل الخبر على ما ذكرنا أولى من طرحه ورميه بالندور وتأويله بإرادة المجاز من اطلاق الهبة، بمعنى العزم عليها ونحو ذلك، كما أنه ظهر لك منه قوة القول بالصحة، كما عن المبسوط والسرائر والمختلف وغيرها، وفي المسالك أنه متجه، بل عن المبسوط أنه الذي يقتضيه مذهبنا، ولعله لذا ترك الترجيح في محكي التذكرة والإيضاح والدروس.
هذا كله في هبة الدين لغير من هو عليه (وإن كانت له صح) بلا خلاف أجده فيه، بل في بعض كتب مشايخنا ظاهرهم الاتفاق عليه ولعله لصحيح معاوية بن عمار (2) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " سألته عن الرجل يكون له على الرجل دراهم فيهبها له، أله أن يرجع فيها قال: لا ".
ولا ينافيه صحيحه الآخر (3) عنه أيضا " رجل كانت عليه دراهم لانسان فوهبها له ثم رجع فيها ثم وهبها له ثم هلك قال: هي للذي وهب له " إذ الرجوع بعد الهبة إنما كان في كلام السائل مضافا إلى عموم الأدلة التي لا ينافيها ما دل على اعتبار القبض في الهبة، إذ الموهوب هنا مقبوض للموهوب له، باعتبار كونه في ذمته، فهو حينئذ كهبة ما في يده بل أقوى.
ولذا لم يجز الرجوع فيها ضرورة اقتضاء صحتها سقوط المال عن ذمته لعدم