وفيه أنه مناف لما ذكروه أجمع بلا اشكال ولا تردد، من أن للموقوف عليهم الموجودين استيفاء القصاص، بناء على انتقال العين إليهم بلا غرامة منهم للبطون اللاحقة، و على تقدير أنها لله تعالى - يتولاه الحاكم - أو للواقف يتولاه هو، ويحتمل على ضعف الموقوف عليهم فيهما كما تقدم سابقا - ضرورة أنه لا يتجه استيفاؤهم له، مع فرض مشاركة البطون اللاحقة لهم فيه، كما أن المتجه مع فرض أن ذلك لهم جواز عفوهم عنهم لمعلومية تخيير ذي الحق بين استيفائه وبين العفو عنه، وليس للبطون الآتية القصاص حينئذ لعدم حق لهم فيه، وإن لوحظ قاعدة استيفاء حق القصاص للمشتركين أنه إن عفى أحدهم دون الآخر، كان له القصاص مع غرامة ما يخص من عفى من الدية، فيتجه حينئذ بناء على الاشتراك هنا غرامة من يقتص منهم الدية تماما للآخرين لعدم معلومية التوزيع هنا، مع عدم انحصار الموقوف عليهم، ودعوى - أن ذلك يوجب عدم الغرامة - ليس بأولى من دعوى عدم جواز القصاص مع العفو عن بعضهم.
كل ذلك مضافا إلى ما في القواعد من اشكال الفرق بين الطرف والنفس، وإن كان قد يوجه باقتضاء الجناية على النفس بطلان الوقف، فلا حق حينئذ للبطون، بخلاف الأطراف، فإن حق الوقف باق ببقاء محله، لكنه كما ترى، ضرورة اقتضاء ذلك اختصاص الواقف بالدية في الجناية على النفس خطأ لبطلان الوقف، بل مقتضاه أن ولاية القصاص له، وإن قلنا بالانتقال إليهم لانتقال ملكهم الوقفي بتلف ملك العين المفروض كونه من مبطلات الوقف نحو الانقطاع بموت الموقوف عليهم، وفرق واضح بين انتهاء الوقف، وبين بطلانه هذا.
وعن الإيضاح أنه حكى قولا بأن البطون يستوفون الدية لتغليب العفو وقال إنه الأصح، وعن الكركي إن فيه قوة.
وفيه إن العفو مع صحته على مال أو مطلقا يقتضي السقوط مطلقا، وإلا فلا يؤثر شيئا، وجميع هذه الاحتمالات والتهجسات نشأت من احتمال بقاء أثر عقد الوقف مع تلف العين بنحو ذلك، فينتقل أثره إلى ما أوجبه الاتلاف المزبور، ولو القصاص، إلا أنه هو كما ترى، وإنما المتجه اختصاص الموقوف عليهم، بناء على الانتقال إليهم بذلك