ومن المواضع التي هي مظنة ذلك رواية أحمد بن محمد بن عيسى لكتب - الحسين بن سعيد، فإنه يشاركه في جملة من مشيخته، فإذا أورد الشيخ من كتب ابن سعيد حديثا متصلا من طريق ابن عيسى عن بعض من يشتركان في الرواية عنه، وأورده في موضع آخر من كتب ابن عيسى صار مرويا بالواسطة وبدونها، وبالجملة فانتفاء الاضطراب في مثل هذه الصور معنى وحكما أظهر من أن يحتاج إلى بيان. وقد علم بما حررناه أن الاضطراب داير في كلام من ذمره بين معنيين: أحدهما غير واقع في أخبارنا، فلا حاجة لنا في تعريف الصحيح إلى الاحتراز عنه، والآخر غير مناف للصحة بوجه، فهو أجدر بعدم الاحتياج إلى الاحتراز عنه، فتحصل مما حققناه في المقام أن المناسب في تعريف الصحيح أن يقال: هو متصل السند بلا علة إلى المعصوم عليه السلام برواية العدل الضابط عن مثله في جميع المراتب.
إذا عرفت هذا فاعلم أن إطلاق الصحيح على سليم الطريق من الطعن وإن اعتراه إرسال أو قطع كما ذكره الشهيد - رحمه الله - موضع بحث، وقد اتفق فيه لجماعة من المتأخرين توهم غريب، وشاركهم فيه والدي - رحمه الله - فذكر في شرح بداية الدراية: (أنه قد يطلق الصحيح على سليم الطريق من الطعن بما ينافي الاتصال بالعدل الإمامي وإن اعتراه مع ذلك إرسال أو قطع).
ثم قال: (وبهذا الاعتبار يقولون كثيرا: روى ابن أبي عمير في الصحيح كذا، وفي صحيحته كذا مع كون روايته المنقولة كذلك مرسلة، ومثله وقع لهم في المقطوع كثيرا) قال: (وبالجملة فيطلقون الصحيح على ما كان رجال طريقه المذكورون فيه عدولا إمامية وإن اشتمل على أمر آخر بعد ذلك حتى أطلقوا الصحيح على بعض الأحاديث المروية عن غير إمامي بسبب صحة السند إليه، فقالوا: في صحيحة فلان، ووجدناها صحيحة بمن عداه، وفي الخلاصة وغيرها: أن طريق الفقيه إلى معاوية بن ميسرة، وإلى