المصرح به في بعض كتبه الفقهية، فدعوى منعه من الصحة أو القبول لا يساعد عليها اعتبار عقلي ولا دليل نقلي، وقد أحال معرفة وجه المانعية فيما ذكره في الكتب الفقهية على ما تقرر في علم الدراية فعلم أنه توهم، وربما أعان عليه ما يتفق في كلام الشيخ من رد بعض الأخبار الضعيفة معللا باختلاف رواية الراوي له، ويكون ذلك واقعا في الاسناد على وجهين، والشيخ مطالب بدليل ما ذكره إن كان يريد من التعليل حقيقته.
نعم يتفق كثيرا في أخبارنا المتكررة وقوع الاختلاف في أسانيدها بإثبات واسطة وتركها، ويقوى في النظر أن أحدهما غلط من الناسخين فيجب حينئذ التصفح لمظان وجود مثله ليعثر على ما يوافق أحد الأمرين بكثرة فيترجح لا محالة به، وما أظن وقوع الاختلاف على هذا النحو في طرق أخبارنا إلا ويمكن التوصل إلى معرفة الراجح فيه بما أشرنا إليه من الطريق، ولكنه يفتقر في الأغلب إلى كثرة التفحص والتصفح. وإذا كان احتمال الغلط في النسخ مرجوحا في نظر الممارس المطلع على طبقات الرواة حكم لكل من الطريقين المختلفين بما يقتضيه ظاهره من صحة وغيرها، ولا يؤثر هذا الاختلاف شيئا لأن رواية الحديث بالواسطة تارة وبعدمها أخرى أمر ممكن في نفسه، غير مستبعد بحسب الواقع، ولا مستنكر. واستبعاد رواية الراوي بواسطة هو مستغن عنها مدفوع بأنه من المحتمل وقوع الرواية منه بالواسطة قبل أن يتيسر له المشافهة، وبأنه قد يتفق ذلك بسبب رواية الكتب حيث يشارك الراوي المروي عنه في بعض مشيخته، ويكون له أيضا كتب ثم يورد المتأخر عنهما من كتب كل منهما حديثا يرويانه معا عن بعض المشيخة موصول الإسناد في محل إيراده من كتب المروي عنه مع اشتماله على ذلك الراوي إما لاختصاص الرواية عن المروي عنه به أو إيثارا له، وهذا مما لا بعد فيه، ولا محذور، وهو يقتضي الرواية بالواسطة تارة وبدونها أخرى.