هي طريق من طرق المعرفة بالعدالة، والطريق إلى معرفة الشرط لا يسمى شرطا، سلمنا ولكن زيادة الشرط بهذا المعنى على مشروطه بهذه الزيادة المخصوصة أظهر في الأحكام الشرعية عند العاملين بخبر الواحد من أن تبين إذا أكثر شروطها تفتقر المعرفة بحصولها على بعض الوجوه إلى شهادة الشاهدين، والمشروط يكفي فيه الواحد. والعجب من توجيه بعض الفضلاء المعاصرين لدعوى عدم زيادة الشرط على المشروط، بأنه ليس في الأحكام الشرعية شرط يزيد على مشروطه، وأعجب من ذلك استبعاده للجمع بين الحكم بعدم قبول قول العدل الواحد في التزكية والحكم بقبوله في إثبات الأحكام الشرعية به كالقتل، وأخذ الأموال، قائلا: إن ذلك غير مناسب شرعا.
وليت شعري كيف يستبعد ذلك ويتخيل عدم مناسبته لقانون الشرع من عرف حال العدل في الشهادة وفي تزكية الشاهد، فإن المعنى الذي استبعده في تزكية الراوي متحقق في الشهادة، وتزكية الشاهد على أبلغ وجه ألا ترى أن العدل الذي يثبت بخبره الأحكام الجليلة كالقتل وأخذ الأموال، لو شهد لزيد بفلس يدعيه على عمرو لم يثبت بشهادته وحدها، وكذا لو زكى شاهدين به غير معروفي العدالة، من طريق آخر، والوجه الذي يدفع به الاستبعاد هنا قائم هناك بطريق أولى، إذ لا شك أن عدالة الراوي أقوى حكما من مثل هذه الدعوى، ومن عدالة الشاهد بها، فإذا لم يبعد عدم القبول ههنا مع ضعف الحكم فكيف يبعد هناك مع قوته، على أن لعدم الاكتفاء بالعدل الواحد في تعديل الراوي مناسبة واضحة للحكم بقبول خبره.
وذلك لأن اعتبار الزيادة على الواحد فيه يوجب قوة الظن الحاصل من الخبر وبعده عن احتمال عدم المطابقة للواقع الذي هو العلة في اشتراط عدالة الراوي. وفي ذلك من الموافقة للحكمة والمناسبة لقانون الشرع ما لا يخفى، فلو صرف الاستبعاد إلى قبول الخبر في إثبات تلك الأحكام الجليلة مع الاكتفاء في معرفة عدالة راوية بقول الواحد - الموجب لضعف الظن الحاصل