صغارا فأصاب إناءه هل يصلح له الوضوء منه؟ فقال: إن لم يكن شيئا يستبين في الماء فلا بأس، وإن كان شيئا بينا فلا تتوض منه، قال: وسألته عن رجل رعف وهو يتوضأ فتقطر قطرة في إنائه هل يصلح الوضوء منه؟ قال: لا (1).
قلت: حمل جماعة من الأصحاب الحكم الأول في هذا الخبر على الشك في الوصول إلى الماء، وفيه تكلف، وقال الشيخ: نحمله على أنه إذا كان ذلك الدم مثل رؤوس الإبر التي لا تحس ولا تدرك فهو معفو عنه. وغفل عنه متأخروا الأصحاب وفهم من هذا الكلام أنه يرى للماء مع قليل الدم خصوصية، والذي يختلج ببالي أن كلامه ناظر إلى القول الذي يعزى إلى ابن إدريس حكايته عن بعض الأصحاب، من أنه لا بأس بماء يترشش على الثوب والبدن مثل رؤوس الإبر من النجاسات، وأقله الالتفات إليه في الدم، عملا بظاهر هذا الخبر، ولا ريب أن إثبات الخصوصية في ذلك للدم أقرب إلى الاعتبار من إثباتها للماء، وقد اتفقت كلمة المتأخرين على حكاية خلاف الشيخ هنا في مسائل الماء حيث اتفق ذكره فيها، وبعد ملاحظة ما قلناه تبين أن حكايته في أحكام النجاسات أنسب.
صحر محمد بن الحسن، باسناده عن أحمد بن محمد - يعني ابن عيسى - عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان بن مهران الجمال، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحياض التي ما بين مكة إلى المدينة، تردها السباع، وتلغ فيها الكلاب، وتشرب منها الحمير ويغتسل فيها الجنب، ويتوضأ منه فقال: وكم قدر الماء؟ قلت: إلى نصف الساق وإلى الركبة، فقال:
توضأ منه.
قلت: حمل الشيخ هذا الحديث على كون الماء بالغا حد الكثرة و