المؤلف والثناء عليه هو جمال الدين أبو منصور الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني بن علي بن أحمد العاملي الجبعي - قدس سره - الذي حاز من مدارج العلم أرفع درجاته، وسما إلى المقام الأسنى في الفقه ونال أعلى مراتبه، كلمة المدح تقصر عن فضائله، وجمل الثناء تقطع دون رتبته، له غرة الإصباح في كل فضيلة، وقادمة الجناح في كل مكرمة، كان ناقدا للأخبار، بصيرا بالرجال، له منة التفكيك بين الضعيف والصحيح، والحسن والطريح، يدأب في أخذ العلم ونشره طيلة عمره في ليله ونهاره، وكان حليف المدرس ويلازمه، ومعتنق الكتاب ولا يفارقه إلى أن وفد إلى ربه الكريم بخير هو في ميزان العمل جسيم، ما يؤنسه ساعات الفراغ إلا الدفاتر، ولا تصحبه إلا الأقلام والمحابر، كان العلم يتقاطر من أنامله، معالمه رشحة من بحار فضائله، لا يزال رواد الفضيلة تدرسه، ومعاجم التراجم تحفظه وتحرسه، يحل فيه دقائق الأشكال ويزيل معترض الإشكال، كأن العلم ملء إهابه والفضل حشو ثيابه، وبالجملة مقامه في العلم والفقاهة، والأصول والرواية والرجال والدراية، والأدب والشعر شامخ ومجده فيها باذخ: لسان الثناء بذكره نطوق، ونجمه في سماء العلم العيوق، فإن ترد تصديق ما قلنا فاستمع لما يتلى:
قال الشيخ الحر العاملي في أمل الآمل: (كان عالما فاضلا كاملا متبحرا محققا ثقة نقة، فقيها وجيها نبيها محدثا، جامعا للفنون، أديبا شاعرا، زاهدا عابدا ورعا، جليل القدر، عظيم الشأن كثير المحاسن، وحيد دهره، أعرف أهل زمانه بالفقه والحديث والرجال - الخ).
أقول: خصائص في آذان الزمان شنوف، وفي جيده عقد مرصوف.