وكان دأبة - قدس سره - في هذا التأليف أن يترجم على أبواب الفقه - إلا ما شذ (1) - وأورد الكتب والأبواب على الترتيب المعمول إلا ما ندر (2) ثم يورد النصوص التي لا نزاع في صحتها (3) برمز (صحي) ثم الأخبار التي صحة سندها مشهورة، ثم الأخبار الحسان كل ذلك بكمال الدقة والأمانة في النقل، ثم يتكلم عليها إن كانت محتاجة إلى البيان، ويؤيد ما رجحه بالآثار والأقوال، ويفسر غريب الألفاظ ودقيق المعاني، ويبين العلل ويذكر ما فيها من الخلل، ويذكر محامل الأحاديث المتعارضة لتتوافق الأخبار، كما فعله الشيخ - قدس سره - في كتابيه التهذيب والاستبصار، ويجمع بينها بثقوب رأيه وجودة فطنته جمعا يزيل عنها التعارض والتخالف، ولا يطيل الاحتجاج بسرد أخبار لا تقاوم الصحاح وما لا تطمئن إليه النفس وما ليس عنده للقطع بصدوره سبيل (4)، واستوفى الشرط الذي شرطه في أول الكتاب، وجاء بكتاب كريم لا تبليه الأيام، ولا يخترمه الدهر، خاليا من شوائب الخلل، منزها عن مشائن الوهن والعلل، راجحا في موازين العقل، سابقا في ميادين الفضل، فصيحا في معناه، بينا في مغزاه، معتمدا فيما حواه، لا يمل قارئه، ولا يمج سامعه، متقنا أصوله، منيرا فصوله، قليلا فضوله، فمن رغب عنه فهو معطل، ومن تعطل منه فهو مغفل لإطباق الأعلام على نفاسته، وانثيالهم على الوقوف عليه وتشوفهم لاستيضاح غرته والاستصباح بأنواره لكون أخباره معتمدة، وتحقيقاته دقيقة متقنة، واحتجاجاته قوية، وبراهينه متضوعة كتضوع المسك الأذفر ومشرقة كإشراق الفجر الأنور.
(كلمة المصحح ٥)