أسماء، فاعتماد الحمل على التقية في الجميع أولى.
وربما يعترض بعدم ظهور القائل بمضمونها من العامة، فيجاب بأن القضية لما كانت متقررة مضبوطة معروفة وليس للانكار فيها مجال، كان التمسك بها في محل الحاجة إلى التقية مناسبا إذ فيه عدول عن إظهار المذهب وتقليل لمخالفته، فلذلك تكررت حكايتها في الاخبار، وقد اختار العلامة في المختلف العمل بمضمونها في المبتدأة، نظرا إلى أن المعارض لها مخصوص بالمعتادة، ونوقش في ذلك بإن أسماء تزوجت بأبي بكر بعد موت جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - وكانت قد ولدت منه عدة أولاد، ويبعد جدا أن لا يكون لها في تلك المدة كلها عادة في الحيض، وهو متجه.
وعليه أيضا مناقشة أخرى، وهي أن الحكم بالرجوع إلى العادة يدل على ارتباط النفاس بالحيض، واختلاف عادات الحيض لا تقتضي أكثر من احتمال كون مدة حيض المبتدأة أقصى العادات، وهي لا تزيد عن العشرة، فالقدر المذكور من التفاوت بين المبتدأة وذات العادة لا يساعد عليه الاعتبار الذي هو للجمع معيار، ولو استبعد كون التفصيل المذكور في قضية أسماء بكماله منزلا على التقية، لأمكن المصير إلى أن القدر الذي يستبعد ذلك فيه منسوخ، لأنه متقدم، والحكم بالرجوع إلى العادة متأخر، وإذا تعذر الجمع تعين النسخ، ويكون التقرير للحكم بعد نسخه محمولا على التقية، لما قلناه من أن في ذلك تقليلا للمخالفة، ومع تأدي التقية بالأدنى لا يتخطى إلى الأعلى، والله أعلم. (*)