وإن لم يكن هناك حبل ظاهر ولا فراش قائم ولا إقرار من الزوج بالحبل، لان الولادة لثبوت النسب شرط بمنزلة العلامة، فإن بها يظهر ويعرف ما كان موجودا في الرحم قبل الولادة، وكان ثابت النسب من حين وجد، فلم يكن النسب مضافا إلى الولادة وجوبا بها ولا وجودا عندها، والولادة في غير هذه الحالة تثبت بشهادة القابلة وحدها، يعني إذا كان هناك فراش قائم أو حبل ظاهر أو إقرار من الزوج بالحبل، فكذلك في هذه الحالة.
وأبو حنيفة رحمه الله يقول: الولادة بمنزلة المعرف كما قالا ولكن في حق من يعرف الباطن، فأما في حقنا فالنسب مضاف إلى الولادة، لأنا نبني الحكم على الظاهر ولا نعرف الباطن، فما كان باطنا يجعل في حقنا كالمعدوم إلى أن يظهر بالولادة، بمنزلة الخطاب النازل في حق من لم يعلم به، فإنه يجعل كالمعدوم ما لم يعلم به، وإذا صار النسب مضافا إلى الولادة من هذا الوجه لا تثبت الولادة في حقه إلا بما هو حجة لاثبات النسب، بخلاف ما إذا كان الفراش قائما، فالفراش المعلوم هناك مثبت للنسب قبل الولادة فكانت الولادة علامة معرفة، وكذلك إذا كان الحبل ظاهرا أو أقر الزوج بالحبل فقد كان السبب هناك ثابتا بظهور ما يثبته لنا قبل الولادة. وعلى هذا قال أبو حنيفة رضي الله عنه: استهلال المولود في حكم الإرث لا يثبت بشهادة القابلة وحدها، لان حياة الولد كان غيبا عنا وإنما يظهر عند استهلاله فيصير مضافا إليه في حقنا، والارث يبتنى عليه، فلا يثبت بشهادة القابلة كما لا يثبت حق الرد بالغيب بشهادة النساء في جارية اشتراها بشرط البكارة إذا شهدت أنها ثيب قبل القبض ولا بعده ولكن يستحلف البائع، فعلى قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله الاستهلال (معرف، فإن حياة الولد لا تكون مضافا إليه وجوبا به ولا وجودا عنده، ونفس الاستهلال) في غير حالة التوريث يثبت بشهادة القابلة حتى يصلى على المولود، فكذلك في حالة التوريث.