وإذا قلنا: لا يجب الضمان كان فيه إهدار حق المتلف عليه في أصل المالية، ولا شك أن الوصف دون الأصل. ونحن نقول: قوة ثبات الحكم فيما اعتبرناه، لان في إيجاب الزيادة معنى الجور، ولا يجوز نسبة ذلك إلى الشرع بغير واسطة من العباد بحال من الأحوال، وإذا لم نوجب الضمان فإنما لا نوجب لعجزنا عن إيجاب المثل في موضع ثبت اشتراط المماثلة فيه بالنص، وبه فارق ضمان العقد، فإنه غير مبني على المماثلة بأصل الوضع، وكيف يكون مبنيا على ذلك والمبتغي به الربح والامتناع من الاقدام عند تحقق العجز أصل مشروع لنا؟
والثاني أن في إيجاب الزيادة إهدار حق المتلف في هذه الزيادة في الدنيا والآخرة. وإذا قلنا: لا يجب الضمان لا يهدر حق المتلف عليه أصلا بل يتأخر إلى الآخرة وضرر التأخير دون ضرر الاهدار. ولا يدخل على هذا إتلاف ما لا مثل له من جنسه، لان الواجب هو مثل المتلف في المالية شرعا إلا أنه آل الامر إلى الاستيفاء وذلك يبتنى على الوسع. قلنا يتقدر بقدر الوسع ويسقط اعتبار أدنى تفاوت في القيمة، لأنه لا يستطاع التحرز عن ذلك ولكن لا يتحقق في هذا معنى نسبة الجور إلى الشرع، فالواجب شرعا هو المثل لا غير، وما اعتبر من ترجيح جانب المظلوم فهو ضعيف جدا، لان الظالم لا يظلم ولكن ينتصف منه مع قيام حقه في ملكه، فلو لم نوجب الضمان لسقط حق المظلوم لا بفعل مضاف إلينا، وعند ايجاب الضمان يسقط حق الظالم في الوصف بمعنى مضاف إلينا وهو أنا نلزمه أداء ذلك بطريق الحكم به عليه، ومراعاة الوصف في الوجوب كمراعاة الأصل، ألا ترى أن في القصاص الذي يبتنى على المساواة التفاوت في الوصف كالصحيحة مع الشلاء يمنع جريان القصاص، ولا ينظر إلى ترجيح جانب المظلوم وإلى ترجيح جانب الأصل على الوصف، فعرفنا أن قوة الثبات فيما قلنا. وعلى هذا قلنا: إن ملك النكاح لا يضمن بالاتلاف في الشهادة على الطلاق قبل الدخول، وملك القصاص لا يضمن بالاتلاف في الشهادة على العفو، وقد بينا فيما سبق أن وجوب الدية عند إتلاف النفس أو الأطراف على وجه لا يمكن إيجاب المثل فيه حكم ثابت بالنص بخلاف القياس وهو لصيانة المحل عن