في تنصيف الحل الذي يترتب عليه عقد النكاح وحقيقة التنصيف في أن يكون حكم العبد في النصف الباقي له وحكم الحر في جميع ذلك سواء فما يكون شرطا في حق الحر يكون شرطا في حق العبد كالشهود وخلو المرأة عن العدة، وما لا يكون شرطا في حق العبد لا يكون شرطا في حق الحر كالخطبة وتسمية المهر لا يكون في حق العبد. ثم تظهر قوة التأثير لما قلنا في الرجوع إلى الأصول، فإن الرق من أوصاف النقصان والحرية من أوصاف الكمال، وهذا الحل كرامة يختص به البشر فكيف يجوز القول بأنه يتسع الحل بسبب الرق حتى يحل للعبد ما لا يحل للحر. ويزداد قوة بالنظر في أحوال البشر فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل أمته بزيادة اتساع في حله حتى جاز له نكاح تسع نسوة أو إلى ما لا يتناهى على حسب ما اختفوا فيه. فتبين بهذا تحقيق معنى الكرامة في زيادة الحل وظهر أنه لا يجوم القول بزيادة حل العبد على حل الحر. ويظهر ضعف أثر علته في الرجوع إلى الأصول، فإن إرقاق الماء دون التضييع لا محالة، ويحل له أن يضيع ماءه بالعزل عن الحرة بإذنها فلان يجوز تعريض ما به الرق بنكاح الأمة كان أولى. ويزداد ضعفا بالرجوع إلى أحوال البشر، فان من ملك نفسه على وجه يأمن أن يقع في الحرام يجوز له نكاح الأمة ولا يحل له قتل ولده إذا أمن جانبه بحال من الأحوال. وعلى هذا قلنا: للحر أن يتزوج أمة على أمة، لان ذلك جائز للعبد فيجوز للحر من الوجه الذي قررنا، ولا يجوز للعبد أن ينكح أمة على حرة كما لا يجوز ذلك للحر، لان العبد في النصف الباقي له مثل الحر في الحكم.
وعلل في حرمة نكاح الأمة الكتابية على المسلم بأنها أمة كافرة فلا يجوز نكاحها للمسلم كالمجوسية. وهذا بين الأثر من وجهين: أحدهما أن الرق مؤثر في حرمة النكاح حتى لا يجوز نكاح الأمة على الحرة. والكفر كذلك، فإذا اجتمع الوصفان في شخص تغلظ معنى الحرمة فيها فيلتحق بالكفر المتغلظ بعدم الكتاب في المنع من النكاح. والثاني أن جواز نكاح الأمة بطريق الضرورة عند غشية العنت وهذه الضرورة ترتفع بحل الأمة المسلمة فلا حاجة إلى حل الأمة الكتابية للمسلم النكاح، وقلنا نحن: اليهودية