صاحب الكثير هنا حتى يكون لصاحب القليل حق المزاحمة معه في الاخذ بالشفعة، إلا أنه يجعل الشفعة من جملة مرافق الملك فتكون مقسومة بين الشفعاء على قدر الملك، كالولد والربح والثمار من الأشجار المشتركة، أو يجعل هذا بمنزلة ملك المبيع فيجعله مقسوما على مقدار ما يلتزم كل واحد من المشترين من بدله وهو الثمن، حتى إذا باع عبدا بثلاثة آلاف درهم من رجلين على أن يكون على أحدهما ألف درهم وعلى الآخر بعينه ألفا درهم فإن الملك بينهما في المبيع يكون أثلاثا على قدر الملك. وهذا غلط منه لأنه جعل الحكم مقسوما على قدر العلة، أو بنى العلة على الحكم، وذلك غير مستقيم. وعلى هذا اتفقت الصحابة في امرأة ماتت عن ابني عم أحدهما زوجها، فإن للزوج النصف والباقي بنيهما العصوبة ولا يترجح الزوج بسبب الزوجية لان ذلك علة أخرى لاستحقاق الميراث سوى ما يستحق به العصوبة، فلا تترجح علته بعلة أخرى ولكن يعتبر كل واحد من السببين في حق من اجتمع في حقه السببان بمنزلة ما لو وجد كل واحد منهما في شخص آخر. وكذلك قال أكثر الصحابة في ابني عم أحدهما أخ لام إنه لا يترجح بالاخوة لام على الآخر ولكن له السدس بالفرضية، والباقي بينهما نصفان بالعصوبة. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: يترجح ابن العم الذي هو أخ لام لان الكل قرابة فتقوى إحدى الجهتين بالجهة الأخرى بمنزلة أخوين أحدهما لأب وأم والآخر لأب. وأخذنا بقول أكثر الصحابة، لان العصوبة المستحقة بكونه ابن عم مخالف للمستحق بالاخوة، ولهذا يكون استحقاق ابن العم العصوبة بعد استحقاق الأخ بدرجات، والترجيح بقرابة الام في استحقاق العصوبة إنما يكون عند اتحاد جهة العصوبة والاستواء في المنزلة، كما في حق الاخوان فحينئذ يقع الترجيح بقرابة الام لأنه لا يستحق بها العصوبة ابتداء فيجوز أن تتقوى بها علة العصوبة في جانب الأخ لأب وأم، إذ الترجيح يكون بعد المعارضة والمساواة، فأما قرابة الاخوة فهي ليست من جنس قرابة ابن العم حتى تتقوى بها العصوبة الثابتة لابن العم الذي هو أخ لام بل يكون هذا السبب بمنزلة الزوجية فتعتبر حال اجتماعهما في شخص واحد بحال انفراد كل واحد من السببين في شخص آخر.
وكثير من المسائل تخرج على ما تركنا من الأصل في هذا الفصل إذا تأملت.