(ص) في شريعته. وقوله: قد كان فيهم من ليس بنبي، لا كذلك فقد ألحق به من البيان ما يعلم به أن المراد الأنبياء وهو قوله تعالى:
* (واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم أولئك الذين آتيناهم الكتاب) * مع أن الامر بالاقتداء يعلم أنه لا يتناول إلا من يعلم أنه مرضي الطريقة، مقتدى به من نبي أو ولي، والأولياء على طريقة الأنبياء عليهم السلام في العمل بشرائعهم، فبهذا يتبين أن المراد هو الامر بالاقتداء بالأنبياء عليهم السلام، ومعلوم أنه ما أمر بالاقتداء بهم في دعاء الناس إلى شريعتهم وإنما أمر بذلك على أن يدعو الناس إلى شريعته، فعرفنا بهذا أن ذلك كله صار شريعة له، بمنزلة الملك ينتقل من المورث إلى الوارث فيكون ذلك الملك بعينه مضافا إلى الوارث بعدما كان مضافا إلى المورث في حياته، وإلى ذلك وقعت الإشارة في قوله تعالى: * (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) * فأما قوله: * (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) * قد عرفنا يقينا أنه ليس المراد به المخالفة في المنهاج في الكل بل ذلك مراد في البعض وهو ما قام الدليل فيه على انتساخه. وقوله: * (هدى لبني إسرائيل) * لا يدل على أنه ليس بهدى لغيرهم، كقوله تعالى: * (هدى للمتقين) * والقرآن هدى للناس أجمع، وأيد هذا دعاء رسول الله عليه الصلاة والسلام بالتوراة وطلب حكم الرجم منه للعمل به، وقوله: أنا أحق من أحيا سنة أماتوها فإن إحياء سنة أميتت إنما يكون بالعمل بها، فعرفنا أن التوراة هدى لبني إسرائيل ولغيرهم، وأيد جميع ما ذكرنا قوله تعالى: * (مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه) * ولا معنى لذلك سوى أن ما فيه يصير شريعة لنبينا بما أنزل عليه من الكتاب إلا ما ثبت نسخه، وهذا هو القول الصحيح عندنا، إلا أنه قد ظهر من أهل الكتاب الحسد وإظهار العداوة مع المسلمين فلا يعتمد قولهم فيما يزعمون أنه من شريعتهم وأن ذلك قد انتقل إليهم بالتواتر، ولا تقبل شهادتهم في ذلك لثبوت كفرهم وضلالهم فلم يبق لثبوت ذلك طريق سوى نزول القرآن به أو بيان الرسول له، فما وجد فيه هذا الطريق فعلينا فيه الاتباع والعمل به حتى يقوم دليل