والوطء الذي (أبيح) له عند اختياره (لفتيا هذا غير الوطء الذي حظر عليه عند اختياره) لفتيا الاخر.
ومن أهل العلم من يقول: إن الوطء الذي تعلق به التحريم، عند قبوله فتيا هذا، هو الوطء الذي يتعلق به التحليل عند قبوله فتيا الاخر، ولا يمتنعون من إجازة تعلق الحظر والإباحة بفعل واحد على وجهين مختلفين.
ونظيره: أن سجودا واحدا يكون طاعة لله تعالى، إذا أريد الله تعالى به، ومعصية إن أريد به غير الله عز وجل، ومن يخالف في ذلك يقول: إن السجود الذي تعلق به الحظر غير السجود الذي تعلقت به الإباحة.
(وإذا كان هذا هكذا، وكان عند القائلين بذلك، أن الفعل الذي تعلق به الحظر، غير الفعل الذي تعلقت به الإباحة)، وأي الوجهين صح ذلك فإنه غير مؤثر فيما ذكرنا، من تعلق الحظر والإباحة بفعلين، أو تعلقهما بفعل واحد على وجهين مختلفين.
وليس يجوز للمفتي أن يقول للمستفتي: هذه المرأة حرام عليك، فيطلق له القول فيه، من غير تضمين له بالشريطة التي ذكرنا، لان هذا يوجب أن يكون المختلفون من الصحابة في مسائل الفتيا قد كان في اعتقادهم: أن مخالفيهم في مثل ذلك مقيمون على فروج محظورة، وغاصبون لأموال محرمة فيما أفتوا به من ذلك، وهذا غير جائز عليهم عندنا، لأنه لو كان الامر كذلك عندهم، لا نكره بعضهم على بعض، ولخرجوا فيه إلى اللعن والبراءة، كما خرجوا إليه فيما لم يسوغ الاجتهاد فيه.
فلما لم ينكره بعضهم على بعض الخلاف في مسائل الفتيا، حسب إنكارهم في غيرها، علمنا أن كل قول ذهب إليه قائل منهم، فيما خالفه فيه غيره، فقد سوغ لغيره ذلك الخلاف، فإنه كان عنده (أنه) غير محظور عليه القول بما أداه إليه اجتهاده، فثبت أن فتيا