الحكم المتعبد به، والأشبه عند الله تعالى لم يكلف المجتهد إصابته، ولا هو حكمه الذي تعبد به، إذا لم يؤده إليه اجتهاده.
وغير جائز أن يكون مصيبا لما كلف، مخطئا لحكم الله تعالى، إذ غير جائز أن يكون ما كلف غير حكم الله تعالى.
فقد بان أن معنى قولهم: إن الحق عند الله تعالى واحد: أن الأشبه من الأصول بالحادثة عند الله تعالى واحد قد علمه الله تعالى، ولم يكلف المجتهد. ومن هذا الوجه شبهوه بالكعبة، لان الكعبة التي أمر بالتوجه إليها هي واحدة، ولم يكلفوا إصابتها، والحكم الذي على المجتهد إنما تجري مجرواتها، وما يستقر عليه رأيه بعد الاجتهاد من الجهة التي في علم الله تعالى أنها الكعبة.
وشبهه عيسى بن أبان بما كلفنا فيه استيفاء المقادير، لم نكلف نحن إصابتها، والحكم الذي علينا فيها إنما هو من اجتهادنا، وغالب ظننا أنه المقدار المأمور باستبقائه، وإبقائه دون ما عند الله تعالى.
فهذا بين أن مذهب أصحابنا غير مخالف لمذهب من حكينا قوله من القائلين: إن الحق في جميع أقاويل المختلفين فيما طريقه الاجتهاد من أحكام الحوادث، وإن خلافهم في ذلك إنما هو خلاف على من نفى أن يكون في الأصول أشبه المطلوب المظنون بالاجتهاد، وعلى ما بينا.
قال أبو بكر: والذي ذكرنا أنه مطلوب والحكم الذي تعبد به المجتهد، وهو الأشبه في رأيه طريق الأصول إلى كيفية الاجتهاد أيضا، وغالب الظن على حسب ما بينا فيما سلف من أقاويل المختلفين في كيفية القياس، واستخراج العلل.
فجائز عند من يعتبر قياس الشبه أن يكون الأشبه عنده ما كان من جهة الصورة، والهيئة، والحسن ونحو ذلك.
وجائز عند من يعتبر الشبه من جهة الاحكام أن يكون الأشبه عنده من هذه الجهة،