المشروط اختلافا في نفس المعقود عليه، إذ كان الذرع صفة. والسلم عقد على صفة، فوجب بالتحالف والتراد من أجل ذلك، وهذا هو القياس الذي قال: به نأخذ.
وأما الاستحسان الذي ذكره: فإن وجهه أن رجلا لو اشترى من رجل ثوبا بعينه ثم اختلفا فيما شرط من مقدار ذرعه، وقال البائع: شرط خمسة أذرع، وقال المشتري: شرط عشرة أذرع، أن القول قول البائع ولا يتحالفان، ولا يترادان فكان هذا وجه الاستحسان، وهو ضرب من القياس (إلا أن القياس الذي أخذ به كان أولى من هذا القياس) الذي سماه استحسانا، وكان إلحاق مسألة السلم باختلافها في الجودة والجنس، أولى منها بمسألة اختلافهما في ذرع الثوب المعين، وذلك لان الذرع لما كان صفة، وكانت صفة الأعيان مما لا يتعلق عليها العقد بدلالة أن من اشترى ثوبا على أنه عشرة أذرع، فوجده أقل كان بالخيار، إن شاء أخذه بجميع الثمن، وإن شاء ترك، ولم يكن له أن ينقض من الثمن بحساب (نقصان الذرع، ولو وجده أكثر كان جميعه له، ولم يرد عليه من الثمن بحسبان) زيادة الذرع. فعلمت أن الذرع في الأعيان لا يتعلق عليه العقد، فلم يكن اختلافهما في الذرع اختلافا في نفس المعقود عليه، فلذلك لم يجب فيه التحالف والتراد.
وأما السلم: فلما كان عقد على صفة، وكان الاختلاف في الذرع اختلافا في الصفة صار اختلافهما على هذا الوجه اختلافا في نفس المعقود عليه، فكان بمنزلة اختلافهما في الجنس، (و) في الجودة، والرداءة، وكان إلحاقهما بهذه أولى منها باختلاف في ذرع العين.
ألا ترى: أن اختلافهما في شرط جنس العين، أو في شرط جودته ورداءته، لا توجب التحالف، وإنما تجعل القول قول البائع، وأن الاختلاف في السلم على هذا الوجه