ومن أن مستند شرعية هذه الصيغة هو النقل المستفيض عنهم (عليهم السلام) (1)، وليس في شئ منه ما يدل على اعتبار القبول ولو وقع لنقل، لأنه مما يعم به البلوى وإن حل الوطء مملوك له، فهو بمنزلة التزويج، فإذا أعتقها على هذا الوجه كان في معنى استثناء بقاء الحل من مقتضيات العتق، فإن القبول إنما يعتبر من الزوج لا من المرأة، وإنما وظيفتها الإيجاب ولم يقع منها. وهذا أشهر وأقوى.
لا لما ذكر، لتطرق الوهن إلى جملتها، كتطرقه إلى الوجه للقبول الذي مضى، بل لما مضى من الصحيح الصريح في نفي مشيئتها واختيارها عن الزوجية، ولزومها بما ذكر في ذيلها من الصيغة، سيما على النسخة الأخيرة، ولو شرط القبول في الصحة لانتفت بانتفائه، فلم يكن النكاح بمجرد تلك الصيغة واجبا ولازما، وهو خلاف نصه.
نعم الأحوط ذلك، لأصالة بقاء أحكام الأمتية، وعدم ترتب أحكام الزوجية. وظاهر الموثقة: عن رجل له سرية يبدو له أن يعتق سريته ويتزوجها، قال: إن شاء شرط عليها أن عتقها صداقها فإن ذلك حلال، أو يشترط عليها إن شاء قسم لها وإن شاء لم يقسم، وإن شاء فضل الحرة فإن رضيت بذلك فلا بأس (2). فتأمل.
ثم إن ظاهر إطلاق أكثر النصوص والفتاوى الاكتفاء في العتق الممهورة به بذكره في الصيغة بغير لفظ الإعتاق، كقوله: جعلت عتقك صداقك.
وربما استدل له بالصحيح: فإن قال: قد تزوجتك وجعلت مهرك هذا الثوب فإنها تملكه بتمام العقد من غير احتياج إلى صيغة التمليك، فكذا إذا جعل مهرا فإنها تملك نفسها ولا حاجة للعتق إلى صيغة أخرى.