مقدورية الفعل تعتبر في زمان إتيان الفعل لا زمان الامر. وعلى الثالث أن اجتماع اللحاظين محال في صورة وحدة اللحاظ دون تعدده، كما في المقام فإن آن لحاظ الامر غير آن لحاظ المأمور به هذا.
ولما قام الاجماع بل الضرورة الفقهية على اعتبار قصد التقرب في العباديات وقع العلماء المتأخرون عن الشيخ الأنصاري قدس الله أسرارهم في حيص وبيص عن دفع هذا الاشكال الذي تفطن به الشيخ قدس سره، وأجابوا بأجوبة لا تخلو أكثرها عن إشكال وتأمل.
وحاصل ما قالوا أو يمكن أن يقال أمور خمسة أو ستة:
(الأول) ما أجاب به الشيخ قدس سره بالقول بتعدد الامر، تعلق أحد الامرين بنفس العمل والاخر به مع داعي أمره فيتمكن من إتيان المأمور به بالامر الثاني.
وقد أورد عليه - بعد دعوى الاجماع على عدم التعدد في العباديات - بأنه إن فرض سقوط الامر بإتيان المأمور به الأول مجردا عن داعي الامر، فلا حاجة إلى الامر الثاني، والا فلا ينفع الأول أيضا كما لا يخفى.
(الثاني) ما أجاب به في الكفاية (1) - كما أشرنا إليه - من أنه يمكن تعلق الامر بنفس العمل، ولما كان الغرض لا يحصل إلا بإتيانه مع الداعي كان المحصل للغرض أعم من المأمور به، غاية الامر نبه الشارع على أن الغرض لا يحصل إلا بتقارن إتيان المأمور به مع الداعي. وبالجملة هو شرط عقلي كشف عنه الشرع العالم بالواقعيات.
وفيه: أن لازم ذلك عدم صلاحية ذات المأمور به في جميع العباديات للتقرب أصلا، بل كان ضم الداعي إلى ذات المأمور به كضم الحجر بجنب الانسان، وهو كما ترى.