بالاختيار الناشئ من شقاوته الذاتية اللازمة لخصوص ذاته، فإذا انتهى الامر إلى هذا انقطع السؤال ب (لم) فإن الشقي شقي في بطن أمه، والسعيد سعيد في بطن أمه ... إلى آخر ما ذكره قدس سره في الكفاية.
وينبغي بيان أن علم الباري تعالى ليس علة لأفعال العباد - ولو كانت في سلك النظام - بعون الملك العلام.
وتقرير الاعتراض على ما في شرح التجريد عند قول المصنف - يعني العلامة محمد بن الحسن الخواجة نصير الملة والدين -: (والعلم تابع) قال العلامة عند إيراد حجج الخصم: الثالثة قالوا: كلما علم الله تعالى وقوعه وجب وما علم عدمه، امتنع، فإذا علم عدم وقوع الطاعة من الكافر استحال إرادتها منه وإلا لكان مريدا لما يمتنع وجوده.
والجواب أن العلم تابع لا يؤثر في الامكان الذاتي، وقد مر تقرير ذلك.
وقال - فيما مر عند جواب القائلين بعدم تعلق علمه تعالى بالمتجددات، وإلا إما يلزم وجوبها أو انقلاب علمه تعالى جهلا وهو محال - ما هذه عبارته:
والجواب: إن أردتم بوجوب علمه تعالى أنه واجب الصدور عن العلم فهو باطل فإنه تعالى يعلم ذاته ويعلم المعدومات مع أنها لا تصدر.
وإن أردتم وجوب المطابقة، فهو صحيح لكن ذلك وجوب لاحق لا سابق، فلا ينافي الامكان الذاتي، انتهى كلامه قدس سره (1).
وقد أورد بعض المتأخرين على قول المحقق الطوسي (2) (والعلم تابع) بأن الاطلاق ممنوع، فإن العلم على قسمين، فعلى وهو المحصل للأشياء الخارجية كعلم واجب الوجود تعالى بمخلوقاته، وانفعالي وهو المستفاد من الأعيان الخارجية كعلمنا بالسماء والأرض وأشباههما، وحيث إن أفعال العابد داخله في