أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين (1).
وقسم لا يكون كذلك، بل يتوجه إلى مولاه بمجرد مخالفته إياه ويتضرع ويتوب، كما حكى الله تعالى مخاطبا لآدم وحواء على نبينا وآله وعليهما السلام بقوله تعالى: ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين × قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين (2) فمخالفة مثل هذا العبد لمولاه لا يكون لسوء سريرته، وكونه بصدد الطغيان، بل حسن سريرته تقتضي التضرع إليه.
ولا وجه أيضا لما في الكفاية من كون استحقاق العقوبة بسبب إرادته للمعصية، لما ذكرنا من أن قبح الإرادة ناش عن قبح الخروج عن رسوم العبودية، وهذا القبح مساو لإرادة المعصية على تقدير المصادفة.
والحاصل: أن جميع مقدمات المعصية من الميل والعزم والجزم والإرادة التي لا تتخلف عن المراد مساوية لمقدمات التجري حتى بالنسبة إلى الفعل الخارجي المعبر عنه ب (المتجري به).
وبعبارة أخرى: حركات النفس قد انتهت إلى منتهى المقصد وهو الفعل ولم يبق شئ تفعله كي يكون العبد معذورا عند المولى، فما لم يصل إلى مرتبة الفعلية لم يحكم العقل باستحقاق العبد العقوبة، لعدم صدق عنوان الخروج عن رسوم العبودية.
بل الاخبار المروية عنهم عليهم السلام أيضا دالة على العفو عن إرادة المعصية وإن كان لها تأثير في النفس وموجب لانحطاطها عن المرتبة العالية إلى المرتبة الدانية لكنه غير استحقاق العقوبة، هذا.
مضافا إلى أنه لا وجه لتوهم أن منشأ استحقاق العبد العقوبة هو الإرادة، لان الحيوانات كلها لها إرادات، إذ الافعال الصادرة عنها ليست كالتقلص الطبيعي نحو