نعم المولى، ولذا يسري قبحه إلى عزمه وإرادته أيضا.
فعنوان الخروج عن رسوم العبودية عنوان مستقل موجب لتقبيح العقلاء، بل واستحقاقه العقاب شرعا من غير تفاوت بنظر العقل بين العاصي والمتجري من هذه الحيثية وحرمة إرادة ذلك أيضا، من حيث إنه إرادة الحرام، وإلا فلا وجه لحرمة إرادة شرب المايع الذي يعتقد أنه شرب المسكر كما لا يخفى.
إن قلت: إن العقل يحكم باستحقاق العبد العقوبة على إتيان ما هو مبغوض للمولى، والمفروض عدم إتيانه بما هو مبغوض له.
قلت لا نسلم ذلك، فإن العقل يحكم باستحقاقه العقوبة على مخالفة الأوامر الاختبارية مع أنه لم يأت به بما هو مبغوض له.
إن قلت: ان الدليل لم يدل الا على ترتب العقاب على المعصية والتجري ليس بمعصية.
قلت: الكلام إنما هو في الاستحقاق بحكم العقل لا الفعلية، وهو لا يفرق بين التجري والمعصية.
والاجماع المدعى في المقام على حرمة السفر مثلا عند ظن الضرر أو حرمة تأخير الصلاة عند ظن ضيق الوقت يراد به هذا المعنى الذي يعرفه الوجدان ويحكم به، لا أنه كاشف عن رأي المعصوم عليه السلام أو عن خبر صحيح جامع لشرائط القبول، لان المسألة لم تكن معنونة عند القدماء كي يستكشف بها رأيه عليه السلام، هذا مع كونه عقلية ليس للاستكشاف إليها طريق أجاب الشيخ رحمه الله عنه به.
فانقدح أن توهم كون القبح لسوء السريرة، لا للفعل المتجري به مدفوع بما ذكرناه، مضافا إلى عدم تسليم كون كل عاص بكون عصيانه لسوء سريرته مع مولاه، فإن العبيد على قسمين: قسم يكون عصيانهم لكونهم بصدد الفساد والاستكبار كما حكى الله عن إبليس بقوله تعالى: قال ما منعك ألا تسجد إذ