على القول بأن المجعول نفس الحجية من دون ان تكون مستتبعة للحكم التكليفي من أنه لا يلزم حينئذ اجتماع حكمين أصلا، ففيه أن محذور اجتماع الضدين وان كان مندفعا على هذا المبني، إلا أن المبنى المذكور غير صحيح، لما أشرنا إليه سابقا ويأتي التعرض له قريبا إن شاء الله تعالى.
و (منها) - ما ذكره المحقق النائيني (ره) وملخص ما افاده ان المجعول في باب الطرق والامارات هو مجرد الطريقية والكاشفية، بالغاء احتمال الخلاف، فلا يكون هناك حكم تكليفي حتى يلزم اجتماع الضدين، بل حال الامارة هي حال القطع، لأن الشارع اعتبرها علما في عالم التشريع، فكما يكون العلم الوجداني منجزا مع المطابقة، ومعذرا مع المخالفة، فكذلك العلم التعبدي يكون منجزا ومعذرا، فكما لا مجال لتوهم التضاد عند مخالفة القطع للواقع، فكذلك في المقام وبالجملة ليس في مورد الطرق والامارت حكم تكليفي مجعول كي يلزم اجتماع الضدين. وليعلم ان مجرد امكان أن يكون المجعول فيها ذلك كاف في دفع الشبهة، بلا حاجة إلى اثبات وقوعه، إذا الكلام في امكان التعبد بالظن، مع أن لنا دليلا على وقوعه أيضا وهو ان الامارات المعتبرة شرعا طرف عقلائية يعملون بها في أمور معاشهم، وقد أمضاها الشارع، وعليه يكون المجعول الشرعي في باب الامارات ما تعلق به واستقر عليه بناء العقلاء ومن الواضح أنه لم بتعلق بناؤهم على جعل حكم تكليفي في موارد الطرق، وانما استقر بناؤهم على المعاملة معها معاملة العلم الوجداني، وقد امضى الشارع هذا البناء منهم، فليس المجعول إلا الطريقية والمحرزية.
وبما ذكرناه ظهر ما في كلام صاحب الكفاية (ره) من أن المجعول في باب الامارات هي الحجية، بمعني التنجيز عند المصادفة والتعذير عند المخالفة، إذ التنجيز والتعذير بمعنى حسن العقاب على مخالفة التكليف مع قيام الحجة عليه،