عنه. وكل ذلك خلاف المتسالم عليه بين الفقهاء، ومنهم صاحب الكفاية (ره) نفسه، وان أراد منه الانشاء بداعي البعث والزجر، فهذا هو الحكم الفعلي من قبل المولى، وإن لم يكن محركا للعبد نحو العمل إلا بعد تحقق الموضوع بجميع قيوده خارجا، وتحققه في الخارج مما لا ربط له بالمولى الجاعل للحكم، فإذا قال المولى يجب الحج علي المستطيع، فقد ثم الحكم من ناحية المولى وصار فعليا من قبله، وتحقق الاستطاعة خارجا مما لا ربط له بتمامية الحكم من قبل المولى. وبعبارة أخرى واضحة: إذا قال المولى يجب الحج على المستطيع، فقد ثم الحكم من قبل المولى وصار فعليا بالنسبة إلى المستطيع. واما غير المستطيع فليس عليه الحكم بوجوب الحج أصلا. وعليه فان كان الحكم الواقعي مطلقا لزم اجتماع الضدين، وان كان مقيدا بالعلم لزم التصويب على ما تقدم بيانه. ولعله لأجل هذه الاشكالات عدل عن التعبيرين المذكورين أخيرا، والتزم بان الحكم الواقعي فعلي من بعض الجهات، والحكم الظاهري فعلى من جميع الجهات، فلا مضادة بينهما. وهو أيضا غير تام، إذ لو أراد منه ان الحكم الواقعي قد اخذ في موضوعه العلم، سواء كان العلم وجدانيا أو تعبديا كما يظهر من قوله (ره) (ان علم به المكلف يكون فعليا) ففيه ان هذا تصويب يدل على فساده الاجماع والروايات الدالة على اشتراك الاحكام بين العالم والجاهل وان أراد ان العلم لم يؤخذ في موضوع الحكم، ومع ذلك لا يكون فعليا قبل العلم به، ففيه انه لا معنى لعدم فعلية الحكم بعد تمامية الجعل من قبل المولى وهو الانشاء بداعي البعث، وتحقق موضوعه خارجا، فإنه شبيه بتخلف المعلول عن العلة التامة.
هذا كله على القول بأن الحجية المجعولة للامارات مستتبعة للحكم التكليفي أو أن المجعول حقيقة هو الحكم التكليفي، والحجية منتزعة منه. اما ما ذكره