بمائعين طاهرين يعلم اجمالا بكون أحدهما ماء مطلقا و الآخر مضافا طهر بلا اشكال وكذا العقود والايقاعات، فان احتاط المكلف وجمع بين انشاءات متعددة، يعلم اجمالا بصحة أحدها، يكفي في حصول المنشأ لا محالة، وإن لم يتميز عنده السبب المؤثر.
هذا ولكن استشكل شيخنا الأنصاري (ره) في الاحتياط في العقود والايقاعات باستلزامه الاخلال بالجزم المعتبر في الانشاء، إذ الترديد ينافي الجزم، ولذا لا يصح التعليق في الانشائيات اجماعا. وهذا الاشكال مما لا يرجع إلى محصل، لما ذكرناه في محله من أن المراد بالجزم المعتبر في الانشاء هو الجزم بالاعتبار النفساني من قبل المنشئ، بأن يكون جازما على الاعتبار من قبل نفسه لا مترددا فيه. والتعليق في الانشاء يوجب الترديد من قبل نفس المنشئ في اعتباره النفساني فإذا قال وهبتك هذا المال إن كنت ابن زيد مثلا، لم يتحقق الاعتبار منه، إذ علقه على امر لا يدري حصوله، فهو لا يدري انه تحقق منه الاعتبار النفساني أم لا. وهذا هو الترديد المنافي لقصد الانشاء إجماعا. وأما التردد في أن السبب الممضى شرعا هو هذا أو ذاك - كما في موارد الاحتياط في العقود والايقاعات - فلا إشكال فيه، إذ لا ترديد في الانشاء الصادر من المنشئ بل هو جازم به، غاية الامر كونه مترددا في أن السبب الممضى شرعا هذا أو ذاك، فيجمع بينهما.
وبالجملة التردد في الحكم الشرعي لا ينافي الجزم المعتبر في الانشاء، بل العلم بعدم امضاء الشارع لا ينافي الانشاء، إذ الانشاء اعتبار من قبل نفس المنشئ ولا ربط له بامضاء الشارع، فلو أوقع الوالد معاملة ربوية مع ولده مع العلم بعدم امضاء الشارع حين الانشاء، ثم انكشف امضاء الشارع، يحكم بصحة المعاملة المذكورة وكذا يحكم بصحة معاملة الكفار على تقدير اجتماع الشرائط، مع أنهم لا يلتزمون بالشرع وامضاء الشارع أصلا، فإذا كان الانشاء مما لا ينافيه الجزم بعدم إمضاء