الاحكام الثابتة لموضوعاتها - حال عدم الضرر - منفية عنها إذا كانت تلك الموضوعات ضررية، فان الوضوء إذا كان ضرريا ينفى عنه الوجوب. واختار هذا الاحتمال صاحب الكفاية (ره) وهذا الاحتمال أيضا مما لا يمكن الالتزام به في المقام، وإن كان الاستعمال المذكور صحيحا في نفسه، كما ذكرناه في الأمثلة المتقدمة، وذلك لأن المنفي في المقام هو عنوان الضرر، والضرر ليس عنوانا للفعل الموجب للضرر، بل مسبب عنه ومترتب عليه، فلو كان النفي نفيا للحكم بلسان نفى موضوعه، لزم أن يكون المنفى في المقام الحكم الثابت لنفس الضرر، لا الحكم المترتب على الفعل الضرري، فيلزم نفى حرمة الاضرار بالغير بلسان نفى الاضرار، وهو خلاف المقصود، فان المقصود حرمة الاضرار بالغير. هذا مضافا إلى أن الضرر بالنسبة إلى الحكم المترتب عليه موضوع، فهو مقتض له، فكيف يعقل أن يكون مانعا عنه. نعم لو كان المنفى في المقام هو الفعل الضرري أمكن القول بأن المراد نفى حكم هذا الفعل بلسان نفى الموضوع كالوضوء الضرري مثلا، فما هو المنفي في المقام لا يمكن الالتزام بنفي حكمه بلسان نفي الموضوع وما يمكن الالتزام بنفي حكمه بلسان نفى الموضوع لا يكون منفيا في المقام وبالجملة نفي الحكم بلسان نفى الموضوع إنما يكون فيما إذا كان دليل بعمومه أو إطلاقه شاملا لمورد الضرر، ليكون دليل النفي ناظرا إلى نفى شموله لمورد الضرر بلسان نفى انطباق الموضوع عليه. وأما إذا كان المنفى عنوان الضرر فلا معنى لنفى الحكم الثابت له بعنوانه وهو الحرمة لما ذكرناه.
وربما يقال - كما في الكفاية - ان رفع الخطأ والنسيان في حديث الرفع إنما يكون رفعا للحكم المتعلق بالفعل الصادر حال الخطأ والنسيان، بلسان رفع الموضوع، مع أن المرفوع في ظاهر الحديث هو نفس الخطأ والنسيان، فليكن المقام كذلك وعليه فالمنفى هو حكم الفعل الضرري بلسان نفى الموضوع