الشريفة جدا. ومن تتبع يجد صدق ما ذكرناه، فان بعض مشايخنا المتقدم ذكره قد تتبع لاستفادة هذا المطلب من أول القرآن إلى آخره. هذا ما يرجع إلى معنى لفظي الضرر والضرار.
وأما كلمة لا الداخلة عليهما في الجملتين فهي لنفي الجنس، وتوضيح المراد منها وبيان مفادها في المقام يتوقف على ذكر موارد استعمال الجمل المنفية بها في الأحكام الشرعية، وفي مقام التشريع، وهي على اقسام: (فمنها) - ما تكون الجملة مستعملة في مقام الاخبار عن عدم تحقق شئ كناية عن مبغوضيته فيكون الكلام نفيا أريد به النهى، والسر في صحة هذا الاستعمال هو ما ذكرناه في مبحث الأوامر من أن الاخبار عن عدم شئ كالاخبار عن وجوده، فكما صح الاخبار عن وجود شئ في مقام الامر به، بمعنى ان المؤمن الممتثل يفعل كذا، كقول الفقهاء يعيد الصلاة أو أعاد الصلاة، كذلك صح الاخبار عن عدم وجود شئ في مقام النهي عنه بالعناية المذكورة أي بمعنى أن المؤمن لا يفعل كذا. وقد وقع هذا الاستعمال في الآيات والروايات. أما الآيات فكقوله تعالي. (لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج). وأما الروايات فكقوله صلى الله عليه وآله (لا غش بين المسلمين).
فظهر بما ذكرناه أنه لا وجه لانكار صاحب الكفاية (ره) تعاهد هذا النحو من الاستعمال للتركيب المشتمل على كلمة لا التي لنفى الجنس.
و (منها) - ما تكون الجملة فيه مستعملة أيضا في مقام الاخبار عن عدم تحقق شئ في الخارج، لكن لا بمعنى عدم التحقق مطلقا، بل بمعنى عدم وجود الطبيعة في ضمن فرد خاص أو حصة خاصة، بمعنى أن الطبيعة غير منطبقة على هذا الفرد أو على هذه الحصة. والمقصود نفى الحكم الثابت للطبيعة عن الفرد أو عن الحصة، كقوله (ع): (لا ربا بين الوالد والولد) وقوله (ع) (لا غيبة