كون التاجر الثاني هو الموجب للضرر على التاجر الأول، فضلا عما إذا تضرر شخص من دون ان يكون أحد موجبا للضرر عليه، كمن احترقت داره مثلا، فإنه لا يجب على جاره ولا على غيره تدارك ضرره. نعم لو كان الاضرار باتلاف المال وجب تداركه على المتلف، لكن لا بدليل لا ضرر، بل بقاعدة الاتلاف من أنه من أتلف مال الغير فهو له ضامن.
(الرابع) - ما أفاده شيخنا الأنصاري (ره) من أن المراد نفى الحكم الناشئ من قبله الضرر، فيكون الضرر عنوانا للحكم لكونه معلولا له في مقام الامتثال، فكل حكم موجب لوقوع العبد المطيع في الضرر، فهو مرتفع في عالم التشريع، وأما العبد العاصي فهو لا يتضرر يجعل اي حكم من الاحكام لعدم امتثاله.
وبالجملة مفاد نفى الضرر في عالم التشريع هو نفى الحكم الضرري، كما أن مفاد نفى الحرج في عالم التشريع هو نفى الحكم الحرجي. وهذا هو الصحيح ولا يرد عليه شئ مما كان يرد على الوجوه المتقدمة، فيكون الحديث الشريف دالا على نفى جعل الحكم الضرري، سواء كان الضرر ناشئا من نفس الحكم كلزوم البيع المشتمل على الغبن، أو ناشئا من متعلقه كالوضوء الموجب للضرر، فاللزوم مرتفع في الأول والوجوب في الثاني.
(الجهة الثالثة) - في انطباق قاعدة نفي الضرر على ما ذكر في قصة سمرة ابن جندب، فربما يقال بعدم انطباقها عليه، لأن الضرر في تلك القضية لم يكن إلا في دخول سمرة على الأنصاري بغير استيذان. وأما بقاء عذقه في البستان فما كان يترتب عليه ضرر أصلا. ومع ذلك أمر النبي صلى الله عليه وآله بقلع العذق، فالكبرى المذكورة فيها لا تنطبق على المورد، فكيف يمكن الاستدلال بها في غيره.