لمن ألقى جلباب الحياء) وقوله (ع) (لا سهو للامام مع حفظ من خلفه) فان المقصود نفى حرمة الربا بين الوالد والولد، ونفي حرمة الغيبة في المورد المذكور ونفي حكم الشك مع حفظ المأموم، فان المراد من السهو في هذه الرواية وغيرها هو الشك على ما ذكر في محله. وهذا هو الذي يعبر عنه ينفي الحكم بلسان نفي الموضوع، وظهر أنه لا بد في هذا الاستعمال من ثبوت حكم إلزامي أو غيره، تكليفي أو وضعي في الشريعة المقدسة لنفس الطبيعة، ليكون هذا الدليل نافيا له عن الفرد أو عن الحصة بلسان نفي الموضوع. هذا فيما إذا كان النفي حقيقيا وأما إذا كان النفي ادعائيا، فلا يترتب عليه إلا نفي الآثار المرغوبة المعبر عنه بنفي الكمال، كما في قوله (ع): (لا صلاة لجار المسجد الا في المسجد).
و (منها) - ما تكون الجملة فيه مستعملة في نفي شئ في الشريعة المقدسة الاسلامية، فتارة تكون مستعملة في نفي موضوع من الموضوعات في الشريعة المقدسة فيستفاد منه نفى الحكم الثابت له في الشرايع السابقة أو في العرف كما في قوله (ع): (لا رهبانية في الاسلام) فان الرهبانية كانت مشروعة في الأمم السابقة، فنفيها في الاسلام كناية عن نفى تشريعها. وكقوله (ع):
(لا مناجشة في الاسلام) فان الازدياد في ثمن السلعة من غير إرادة شرائها كان متعارفا عند العرف، فنفاه الشارع والمقصود نفي تشريعها، ومن هذا الباب قوله عليه السلام (لا قياس في الدين) فان حجية القياس كانت مرتكزة عند العامة، فنفاها بنفيه وبالجملة الحكم المنفي في هذا القسم هو ما كان ثابتا للموضوع في الشرايع السابقة أو في سيرة العرف، بلا فرق بين أن يكون إلزاميا أو غير الزامي تكليفيا أو وضعيا، و (أخرى) تكون الجملة مستعملة في نفي نفس الحكم الشرعي ابتداء، كما في قوله (ع) (ما جعل عليكم في الدين من حرج) فان ثبوت الحرج في الشريعة إنما هو بجعل حكم حرجي، فنفيه في