ذكرنا في محله ان حديث الرفع لا يقيد به اطلاق قوله (ع) من أتلف مال الغير فهو له ضامن، فلو أتلف مال الغير جهلا أو خطا أو نسيانا لا يمكن القول بعدم الضمان، لأجل حديث الرفع، لكونه خلاف الامتنان على المالك، بخلاف الأدلة الدالة على وجوب الكفارة على من أفطر في شهر رمضان مثلا، فان حديث الرفع يقيدها بما إذا كان عالما عامدا. ولم يصدر الافطار منه خطأ أو نسيانا.
واما الأمثلة المذكورة في كلام الفاضل التوني فلا يمكن التمسك فيها بقاعدة لا ضرر، لوقوع الضرر فيها لا محالة إما على المالك أو على المتلف، فإنه لو حكم بالضمان لزم الضرر على المتلف، ولو حكم بعدم الضمان لزم الضرر على المالك. ولا يمكن جريان البراءة عن الضمان، لكونه خلاف الامتنان على المالك، فيحكم بالضمان لاطلاق قوله (ع): (من أتلف مال الغير فهو له ضامن) فيما إذا ترتب الطيران وموت الولد و هروب الدابة على فعل هذا الشخص ترتب المعلول علي العلة بنظر العرف، بحيث يعد فعله اتلافا بنظرهم، وان لم يكن بنحو العلية الحقيقية الفلسفية، فإنه من الواضح ترتب الطيران على فتح القفس وكونه اتلافا عرفا.
وكذا المثال الثالث إذا كان الحيوان مما يترتب هروبه على الامساك كالغزال بل الفرس. وكذا المثال الثاني إذا انحصر بقاء الولد بلبن أمه، بحيث يعد حبس أمه اتلافا له في نظر العرف. وأما إذا أمكن بقاؤه باغذائه بشئ آخر، بحيث لا يعد حبس أمه اتلافا له، فلا يكون ضامنا. وبالجملة الميزان هو صدق الاتلاف عرفا.
فالمتحصل مما ذكرناه انه لو كان مراد الفاضل التوني (ره) ان جريان البراءة مشروط بعدم كونه منافيا للامتنان، فهو متين لا يرد عليه شئ. نعم ذكر في ذيل عبارته المحكمية في الرسائل ما هذا لفظه: (فلا علم ولا ظن بأن