استصحاب قلة الماء، مع أن الاستصحاب من الأصول التنزيلية وبمنزلة القطع الطريقي.
و (اما القسم الثاني) فيترتب على الأصل الجاري فيه الالزام، سواء كان الأصل تنزيليا أو غيره، لتحقق موضوع الالزام على كل تقدير كما هو واضح.
و (اما القسم الثالث) فيكفي في فعلية الالزام فيه ثبوت الإباحة الظاهرية غاية الامر ان الالزام حينئذ ظاهري، فإذا انكشف الخلاف يحكم بعدم ثبوت الالزام من أول الامر، بخلاف القسم الثاني، فان كشف الخلاف فيه يستلزم ارتفاع الالزام من حين الانكشاف لا من أول الامر. ولتذكر مثالين لهذين القسمين، ليتضح الفرق بينهما، فنقول: اما مثال القسم الثالث فهو وجوب حجة الاسلام المترتب على الاستطاعة وإباحة المال الذي به صار المكلف مستطيعا فلو حكم بإباحة المال لجريان أصل من الأصول التنزيلية أو غيرها، يترتب عليه وجوب حجة الاسلام ظاهرا، فلو انكشف الخلاف وبان عدم إباحة المال له ينكشف عدم كونه مستطيعا وعدم وجوب حجة الاسلام عليه من أول الامر، واما مثال القسم الثاني فهو الماء المشكوك في اباحته. فان وجوب التوضي به واقعا مترتب على اباحته ظاهرا، فلو أحرزنا اباحته الظاهرية - ولو بأصالة الإباحة أو أصالة البراءة مثلا - يترتب عليها وجوب التوضي به واقعا. وبعد انكشاف الخلاف يرتفع الوجوب من حين الانكشاف دون ما قبله.
وبما ذكرناه من التفصيل في المقام ظهر ان أصالة البراءة في مورد جريانها تترتب عليها آثارها بلا فرق بين كونها الزامية، فلا وجه لما ذكره الفاضل التوني من اشتراط عدم ترتب حكم الزامي على جريانها.