الأول مع مطابقتها للواقع، يكون الامر أقبح، للحكم ببطلان ما هو مطابق للواقع، وصحة ما هو مخالف له، مضافا إلى لزوم القول ببطلان الصلاة مع الساتر إذا كان المصلي جاهلا باعتبار الستر في الصلاة، وكذا يلزم القول ببطلان الصلاة إلى القبلة إذا كان المصلي جاهلا باعتبار الاستقبال في الصلاة. وهكذا بالنسبة إلى سائر الشروط، فلا مناص من الحكم بصحة صلاته أيضا، فإذا حكمنا بصحة الصلاة جهرا واخفاتا فلا محالة يكون الجاهل مخيرا بين الجهر والاخفات، وإن لم يكن ملتفتا إلى التخيير حين العمل، فلا وجه للالتزام باستحقاق العقاب.
(الجهة السادسة) - اشتراط الرجوع إلى الأصول العملية بالفحص مختص بالشبهات الحكمية، لاختصاص دليل بها. واما الشبهات الموضوعية، فلا يكون الرجوع الأصل فيها مشروطا بالفحص، بل يجوز الرجوع إليها، ولو قبل الفحص لاطلاق أدلتها، وعدم جريان الوجوه التي ذكرت لوجوب الفحص في الشبهات الحكمية ههنا. مضافا إلى خصوص بعض الروايات الواردة في موارد خاصة، كصحيحة زرارة الواردة في الاستصحاب.
وبالجملة عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعية مما لا اشكال فيه ولا خلاف، إلا أنه ذكر جماعة وجوب الفحص في بعض موارد الشبهات الموضوعية مما كان العلم بالحكم فيه متوقفا على الفحص عادة: (منها) - ما إذا شك في المسافة فقالوا يجب الفحص والسؤال من أهل الخبرة، مع كون المورد مجرى لاستصحاب عدم تحقق المسافة. و (منها) - ما إذا شك في تحقق الاستطاعة إلى الحج من حيث المال أو من جهة أخرى. و (منها) - ما إذا شك في زيادة الربح عن مؤونة السنة، واستدلوا لوجوب الفحص في هذه الموارد بجعل الحكم في مورد يتوقف العلم به على الفحص يدل بالملازمة العرفية على وجوب الفحص، والا لزم اللغو