الاعتبار، وهو مورد لأصالة البراءة.
ولكن التحقيق وجوب الاحتياط والآتيان بالواجب مع هذا الشئ مرة وبدونه أخرى، وذلك لأن المأمور به هو الطبيعي، وله افراد طولية، فالمكلف متمكن من الموافقة القطعية بتكرار العمل، ومن المخالفة القطعية بترك العمل رأسا، فيكون العلم الاجمالي منجزا للتكليف لا محالة، فيجب الاحتياط.
وأما عدم التمكن من المخالفة القطعية في الفرد الخارجي لاستحالة ارتفاع النقيضين فهو لا ينافي تنجيز العلم الاجمالي بعد تمكن المكلف من المخالفة القطعية في أصل المأمور به وهو الطبيعة، إذ الاعتبار إنما هو بما تعلق به التكليف لا بالفرد الخارجي فلا مناص من القول بوجوب الاحتياط في المقام.
وإن قلنا بالبراءة في دوران الامر بين الأقل والأكثر، إذ في المقام لنا علم إجمالي باعتبار شئ في المأمور به، غاية الامر انا لا ندري ان المعتبر هو وجوده أو عدمه في المأمور به، فلا بد من الاحتياط والآتيان بالعمل مع وجوده تارة وبدونه أخرى، تحصيلا للعلم بالفراغ بخلاف دوران الأمر بين الأقل والأكثر فإنه ليس فيه الاحتمال اعتبار شئ في المأمور به، فيكون مجرى للبراءة على ما مر تفصيل الكلام فيه، فكيف يقاس العلم بالاعتبار على الشك فيه، ومن العجيب ان الشيخ (ره) التزم بوجوب الاحتياط عند دوران الأمر بين القصر والتمام، مع أنه داخل تحت كبرى هذه المسألة ومن صغرياتها، لان الركعة الثالثة والرابعة أمرهما دائر بين الجزئية والمانعية كما هو واضح. وان شئت قلت إن التسليم في الركعة الثانية على تقدير وجوب القصر جزء للواجب. وعلى تقدير وجوب التمام مانع عن الصحة ومبطل للصلاة.