تقدير التسليم انما هو إحدى الروايتين اجمالا، فلا يصح الاستدلال بخصوص إحداهما مع عدم ثبوت انجبارها.
وأما المقام الثاني فتوضيح الكلام فيه ان محتملات الرواية ثلاثة:
(الاحتمال الأول) ان تكون كلمة ما موصولة ومفعولا لقوله (فائتوا) وكلمة من تبعيضية متعلقة بما استطعتم، فيكون مفاد الرواية وجوب الاتيان بما هو المقدور من اجزاء المأمور به وشرائطه. والاستدلال بالرواية على المقام مبني على هذا المعنى، ولكنه على تقدير تسليم ظهور الجملة فيه في نفسها لا يمكن الالتزام به، لعدم انطباقه على المورد (أولا) فان الذي يعلم بعدم قدرته على الطواف أو بعض الأعمال الاخر من مناسك الحج، لا يجب عليه الاتيان بالبقية اتفاقا، ولعدم مناسبته للسؤال الذي وقع هذا الكلام في جوابه (ثانيا) فان السؤال انما هو عن وجوب الحج في كل سنة، ولا يناسبه الجواب بوجوب الاتيان بما هو مقدور من اجزاء المركب وشرائطه.
(الاحتمال الثاني) - أن تكون كلمة ما موصولة وكلمة من بيانية، فيكون حاصل المعنى انه إذا أمرتكم بطبيعة فائتوا ما استطعتم من افرادها، ولا يعيد ان تكون كلمة من إذا كانت بيانية متحدة في المعنى معها إذا كانت تبعيضية غاية الامر انه تختلف مصاديق التبعيض باختلاف الموارد، فان الفرد بعض الطبيعة.
كما أن الجزء بعض المركب، فكما ان كلمة من - في قولنا اشتريت من البستان نصفه - مستعملة في التبعيض، كذلك في قولنا لا أملك من البستان إلا واحدا وعليه فكلمة من في كلا الاحتمالين مستعملة في التبعيض. وهذا المعنى الذي لا يتم معه الاستدلال بالرواية على المقام وان كان وجيها في نفسه، إلا أنه أيضا لا ينطبق على المورد، لعدم وجوب الاتيان بما هو مقدور من افراد الحج في كل سنة بلا خلاف بين المسلمين إلا ما شذ، بل هو خلاف ظاهر نفس الرواية،