الاطلاق والتقييد بحسب مقام الثبوت هو تقابل التضاد، إذ الاطلاق بحسب مقام الثبوت عبارة عن لحاظ الطبيعة بنحو السريان واللابشرط القسمي. والتقييد عبارة عن لحاظها بشرط شئ. والطبيعة الملحوظة بنحو لا بشرط مضادة مع الطبيعة الملحوظة بشرط شئ. ومع كون التقابل بين الاطلاق والتقييد من تقابل التضاد لا يمكن إثبات الاطلاق بنفي التقييد، ومعه لا ينحل العلم الاجمالي المقتضي لوجوب الاحتياط، فلا تجري البراءة النقلية كما لا تجري البراءة العقلية نعم بناء على ما ذكرناه من أن انحلال العلم الاجمالي لا يحتاج إلى إثبات الاطلاق بل يكفيه جريان الأصل في أحد الطرفين بلا معارض، جرت البراءة العقلية والنقلية في المقام بملاك واحد.
فتلخص مما ذكرناه عدم صحة التفكيك بين البراءة العقلية والنقلية في المقام فلا بد من القول بجريان البراءة عقلا ونقلا، كما اختاره شيخنا الأنصاري (ره) وهو الصحيح على ما تقدم بيانه، أو الالتزام بقاعدة الاشتغال وعدم جواز الرجوع إلى البراءة العقلية والنقلية.
(تنبيه) ذكر صاحب الكفاية (ره) في المقام اشكالا وهو أنه بعد جريان البراءة الشرعية عن وجوب الأكثر كيف يمكن الالتزام بوجوب الأقل. ولا دليل عليه، فان الأدلة الأولية تدل على وجوب المركب التام، وبعد رفع جزئية الجزء المشكوك فيه بمثل حديث الرفع لا يبقي دليل على وجوب الباقي.
وأجاب عنه بأن نسبة حديث الرفع إلى أدلة الاجزاء والشرائط نسبة