ذلك اليوم. وأوضح منه الوضوء فيما لم يكن الماء كافيا لغسل جميع الأعضاء، فإنه لا دليل على وجوب غسل بعض الأعضاء دون بعض آخر. وسيجيئ التعرض لتفصيل ذلك في محله إن شاء الله تعالى. وقد عرفت أن كل ذلك أجنبي عن المقام، لأن العلم الاجمالي بوجوب الأقل المردد بين كونه بنحو الاطلاق أو التقييد كاف في اثبات وجوبه بلا حاجة إلى دليل آخر.
بقى الكلام في الاستصحاب، فقد تمسك به للاشتغال مرة وللبراءة أخرى. أما التمسك به للاشتغال فتقريبه أن التكليف متعلق بما هو مردد بين الأقل والأكثر، فالواجب مردد بين ما هو مقطوع البقاء وما هو مقطوع الارتفاع، فان التكليف لو كان متعلقا بالأقل، فهو مرتفع بالاتيان به يقينا ولو كان متعلقا بالأكثر فهو باق يقينا، فبعد الاتيان بالأقل نشك في سقوط التكليف المتيقن ثبوته قبل الاتيان به، فيستصحب بقاؤه على نحو القسم الثاني من استصحاب الكلي. وبعد جريان هذا الاستصحاب والحكم ببقاء التكليف تعبدا يحكم العقل بوجوب الاتيان بالأكثر تحصيلا للعلم بالفراغ، لا أنه يترتب الحكم بوجوب الأكثر على نفس الاستصحاب حتى يكون مثبتا بالنسبة إليه، بل المترتب على الاستصحاب هو الحكم ببقاء التكليف فقط. وأما وجوب الاتيان بالأكثر فإنما هو بحكم العقل بعد إثبات الاشتغال وبقاء التكليف، للملازمة بين بقاء التكليف وحكم العقل بوجوب تحصيل العلم بالفراغ. هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الاستدلال بالاستصحاب للاشتغال.
ويرد عليه (أولا) - أن جريان القسم الثاني من استصحاب الكلي متوقف على كون الحادث مرددا بين المرتفع والباقي، لأجل تعارض الأصل في كل منهما، كما إذا تردد الحدث المتحقق ممن كان متطهرا بين الأصغر والأكبر فان أصالة عدم تحقق الأكبر معارض بأصالة عدم تحقق الأصغر، فبعد