الاتيان بهما وجواز الاقتصار على أحدهما. والتحقيق هو الحكم بالتخيير، وجواز الاكتفاء بأحدهما، لان تعلق التكليف بالجامع بينهما متيقن، وتعلقه بخصوص كل منهما مجهول مورد لجريان البراءة بلا مانع.
و (أما الصورة الثانية) فقد عرفت انه لا ثمرة فيها في كون الوجوب تعيينيا أو تخييريا، الا فيما إذا تعذر ما علم وجوبه في الجملة، فإنه على تقدير كون وجوبه تخييريا، يجب عليه الاتيان بالطرف الآخر المعلوم كونه مسقطا للواجب، وعلى تقدير كون وجوبه تعيينيا لا شئ عليه، فالشك في التعيين والتخيير في هذه الصورة يرجع إلى الشك في وجوب ما يحتمل كونه عدلا للواجب عند تعذره. وهو مورد للبراءة، فتكون النتيجة في هذه الصورة هي نتيجة التعيين دون التخيير.
ثم إن المحقق النائيني (ره) استدل على كون الوجوب تعيينيا في خصوص مسألة القراءة والائتمام التي ذكروها مثالا لهذه الصورة بما ورد عن النبي (ص) من أن سين بلال عند الله شين بتقريب ان الائتمام لو كان عدلا للقراءة لوجب عليه الائتمام على تقدير التمكن منه، وعدم جواز الاكتفاء بالسين بدلا عن الشين.
وفيه (أولا) ان الرواية ضعيفة بالارسال فلا يصح الاستدلال بها.
و (ثانيا) - ان ما يتحمله الامام عن المأموم هي القراءة، وليس فيها حرف الشين ليتعين الائتمام عند تعذر التلفظ به على تقدير كون الوجوب تخييريا فأمر بلال دائر بين ترك الصلاة رأسا والاكتفاء بالسين بدلا عن الشين في التشهد الذي لا فرق فيه بين الاتيان بالصلاة فرادي أو جماعة، لعدم قدرته على التلفظ بالشين. والتكليف بغير المقدور قبيح يستحيل صدوره من الحكيم تعالى فقال النبي صل الله وعليه وآله - على تقدير صحه الرواية - ان تكليف الاكتفاء بالسين لا ترك الصلاة رأسا.