العلم الاجمالي الحادث بعد العلم بالملاقاة يقتضى الاجتناب عن الملاقي والطرف الآخر تحصيلا للموافقة القطعية نعم لو فرضت الملاقاة بعد انعدام الطرف الآخر، لم يكن العلم الثاني مؤثرا في التنجيز، لعدم كونه علما بالتكليف الفعلي على كل تقدير الموجب لتساقط الأصول في الأطراف.
وأجاب شيخنا الأنصاري (ره) عن هذا الوجه من الاستدلال: بأن العلم الثاني لا يمنع من جريان الأصل في الملاقى، لان جريان الأصل في الملاقي بالكسر إنما هو في طول جريان الأصل في الملاقي بالفتح، لكون الشك في الملاقي ناشئا من الشك في الملاقي، فيكون الأصل الجاري في الملاقى أصلا جاريا في الشك السببي، والأصل الجاري في الملاقى أصلا جاريا في الشك المسببي. ومن الظاهر أن الأصل السببي حاكم على الأصل المسببي، فعلي تقدير جريان الأصل في الملاقى بالفتح لا تصل النوبة إلى جريان الأصل في الملاقى بالكسر. وبعد سقوط الأصل في الملاقى بالفتح - لأجل المعارضة بينه وبين الأصل في الطرف الآخر - تصل النوبة إلى جريان الأصل في الملاقي بالكسر، فيجري فيه بلا معارض.
ويتوجه الاشكال على هذا الجواب بالشبهة الحيدرية. وتقريرها انه كما أن جريان أصالة الطهارة في الملاقي بالكسر في طول جريان أصالة الطهارة في الملاقي بالفتح. كذلك جريان أصالة الحل في الطرفين في طول جريان أصالة الطهارة فيهما، إذ لو أجريت أصالة الطهارة وحكم بالطهارة لا تصل النوبة إلى جريان أصالة الحل، فتكون أصالة الطهارة في الملاقي بالكسر و أصالة الحل في الطرف الآخر في مرتبة واحدة، لكون كليهما مسببيا، فانا نعلم اجمالا - بعد تساقط أصالة الطهارة في الطرفين - بأن هذا الملاقي بالكسر نجس أو ان الطرف الآخر حرام، فيقع التعارض بين أصالة الطهارة في الملاقي وأصالة الحل في الطرف الآخر، ويتساقطان، فيجب الاجتناب عن