الصلاة لا على ترك الوضوء، لكونه غيريا في الواقع على الفرض، وغير منجز على تقدير الاتيان بالوضوء للشك في وجوبها، فيكون مجرى للبراءة فالتكليف المتعلق بالصلاة واقعا منجز على تقدير ترك الوضوء، وغير منجز على تقدير الاتيان به، وهذا هو التوسط في التنجيز.
واتضح بما ذكرناه الفرق بين الاضطرار إلى المعين وبين المقام، فان المضطر إليه المعين لو كان حراما في الواقع ترتفع حرمته واقعا، والاضطرار إليه يوجب الترخيص الواقعي في ارتكابه، بخلاف المقام، فان الاضطرار إنما تعلق بالجامع وهو لا يوجب ارتفاع الحرمة عن الحرام الواقعي كما تقدم. وظهر فساد ما في الكفاية من أن الترخيص في بعض الأطراف لا يجامع العلم بالتكليف الفعلي على كل تقدير، فلا يبقى الا احتمال التكليف في غير ما يختاره المكلف لرفع اضطراره وهو منفي بالأصل. وذلك لأن الترخيص في بعض الأطراف لو كان ترخيصا واقعيا كما في الاضطرار إلى المعين، لكان الامر كما ذكره (ره) وليس المقام كذلك، إذ المفروض عدم تعلق الاضطرار بالحرام الواقعي، بل بالجامع، غاية الأمر انه يحتمل انطباقه على ما يختاره المكلف لرفع اضطراره لجهله به، وهو لا يوجب الا الترخيص الظاهري، فالحكم الواقعي ثابت على كل تقدير، ومعه لا يمكن الرجوع إلى البراءة في الطرف الآخر، فإنه يوجب المخالفة القطعية للتكليف الواصل.
ثم إن المحقق النائيني (ره) التزم في المقام بأنه لو صادف ما يختاره المكلف لرفع اضطراره مع الحرام الواقعي ترتفع الحرمة واقعا، بدعوى ان الاضطرار وان كان متعلقا بالجامع إلا أنه باختياره الحرام الواقعي لرفع اضطراره من باب الاتفاق يصير الحرام مصداقا للمضطر إليه، فترتفع حرمته واقعا، ومع ذلك التزم بعد جريان البراءة في الطرف الآخر، بدعوى ان ارتفاع الحرمة إنما