عنها، فان الحرام الواقعي لا يكون مضطرا إليه، ولا انطبق عليه ما اختاره المكلف لرفع اضطراره، وان انطبق ما اختاره المكلف لرفع اضطراره على الحرام الواقعي، فالحرمة الواقعية وان لم ترتفع، لأن اختيار المكلف له لرفع اضطراره لا يكشف عن تعلق الاضطرار به، فلا موجب لرفع حرمته، إلا ان الجهل به مستلزم للترخيص الظاهري في ارتكابه المستلزم لعدم العقاب عليه.
ونتيجة ما ذكرناه من الأمور ان التكليف في المقام في مرتبة متوسطة بين الشبهة البدوية التي لم يتنجز الواقع فيها أصلا، وبين العلم الاجمالي الذي لم يتعلق الاضطرار بشئ من أطرافه، وكان الواقع فيه منجزا على كل تقدير، فان التكليف في المقام منجز على تقدير عدم مصادفة ما يختاره المكلف لرفع اضطراره مع الحرام، وغير منجز على تقدير مصادفة ما يختاره المكلف مع الحرام. فان الجهل به يسقط تنجزه، فصح ان نقول إن التكليف في المقام في رتبة التوسط من التنجز، كما هو الحال في دوران الامر بين الأقل والأكثر، فان التكليف بالنسبة إلى الأقل منجز للعلم بوجوبه على كل تقدير، وبالنسبة إلى الأكثر غير منجز للشك فيه، فيكون مجرى للبراءة. فصح ان نقول إن للتكليف - على تقدير تعلقه بالأكثر - توسط في التنجز، بمعنى انه لو اتى بالأقل فغير منجز، اي ليس على ترك الأكثر حينئذ عقاب، لعدم العلم بوجوبه. وعلى تقدير ترك الأقل أيضا فهو - اي التكليف المتعلق بالأكثر - منجز ويعاقب على تركه، حيث لا ينفك عن ترك الأقل. وكذا الحال في دوران الامر بين الوجوب النفسي والغيري، بعد العلم بأصل الوجوب، كما إذا علمنا بوجوب غسل الجنابة مثلا، وشككنا في أنه واجب نفسي أو واجب غيري ومقدمة لواجب آخر كالصلاة مثلا فالتكليف بالصلاة على تقدير ثبوته واقعا منجز على تقدير ترك الوضوء، فان تركها لا ينفك عن تركه، فيعاقب على ترك