هو الاستناد في الافعال والتروك إلى امر المولى ونهيه، بحيث يكون العبد متحركا تكوينا بتحريكه التشريعي، وساكنا كذلك بتوقيفه التشريعي، ليحصل لهم بذلك الترقي والتكميل النفساني. إنما الفرق بينهما في أن الملاك أي المصلحة في متعلق الامر والمفسدة في متعلق النهي - لو توقف حصوله على قصد القربة فهو تعبدي والا فهو توصلي، ومع كون الغرض من التكليف الشرعي هو الفعل المستند إلى امر المولى والترك المستند إلى نهيه لا مجرد الفعل والترك لا قبح في الأمر بشئ حاصل عادة بنفسه. ولا في النهي عن شئ متروك بنفسه، إذ ليس الغرض مجرد الفعل والترك حتى يكون الأمر والنهي لغوا وطلبا للحاصل.
ويشهد بذلك وقوع الامر في الشريعة المقدسة بأشياء تكون حاصلة بنفسها عادة كحفظ النفس والانفاق على الأولاد والزوجة. وكذا وقوع النهى عن أشياء متروكة بنفسها، كالزنا بالأمهات واكل القاذورات ونحو ذلك مما هو كثير جدا.
والمتحصل مما ذكرناه انه لا يعتبر في تنجيز العلم الاجمالي عدم كون بعض الأطراف خارجا عن معرض الابتلاء. لا في الشبهة الوجوبية ولا في الشبهة التحريمية، بل المعتبر كون جميع الأطراف مقدورا للمكلف على ما تقدم بيانه.
ولا يخفى أن الغالب في الأمثلة التي ذكروها لخروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء كونها أمثلة لخروج بعض الأطراف عن القدرة، فراجع رسائل الشيخ (رحمه الله).
ثم إن الداعي النفساني إلى الفعل أو الترك لا ينافي قصد القربة المعتبر في صحة العبادات، وفي تحقق الامتثال في غيرها بنحو الاطلاق، بل قد يجتمعان (بيان ذلك): انه (تارة) يكون الداعي للمكلف إلى الفعل أو الترك هو امر المولي أو نهيه، ويكون الداعي النفساني تابعا ومندكا فيه، ولا إشكال في صحة العبادة وحصول الامتثال في هذه الصورة. و (أخرى) يكون عكس