ينفتح باب العلمي وينحل العلم الاجمالي، فلا مانع من الرجوع إلى الأصول العملية في غير موارد قيام الاخبار، ومع الغض عن ذلك وتسليم عدم حجية الاخبار كان مقتضى العلم الاجمالي هو الاحتياط والأخذ بجميع الاخبار الموجودة في الكتب المعتبرة الدالة على التكليف، لأن العلم الاجمالي الأول قد انحل بالعلم الثاني، بالثالث على ما تقدم بيانه. وهذا الاحتياط لا يوجب اختلال النظام ولا العسر والحرج، فان جماعة من أصحابنا الأخباريين قد عملوا بجميع هذه الأخبار، ولم يرد عليهم الحرج ولا اختل عليهم النظام. وعلى تقدير تسليم عدم انحلال العلم الاجمالي الأول بدعوى العلم بأن التكليف أزيد من موارد الاخبار، لا بد من التبعيض في الاحتياط على نحو لا يكون مخلا بالنظام ولا موجبا للعسر والحرج فلو فرض ارتفاع المحذور بالغاء الموهومات، وجب الاحتياط في المشكوكات والمظنونات، وإذا لم يرتفع المحذور بذلك يرفع اليد عن الاحتياط في جملة من المشكوكات، ويحتاط في الباقي منها وفي المظنونات. وهكذا إلى حد يرتفع محذور الاختلال والحرج. ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأزمان والحالات الطارئة على المكلف والموارد، ففي الموارد المهمة التي علم اهتمام الشارع بها - كالدماء والاعراض والأموال الخطيرة - لا بد من الاحتياط حتى في الموهومات منها، وترك الاحتياط في غيرها بما يرفع معه محذور الاختلال والحرج على ما تقدم بيانه.
فتحصل ان مقدمات الانسداد على تقدير تماميتها عقيمة عن اثبات حجية الظن لا بنحو الحكومة لما عرفت من عدم معقولية حجية الظن بحكم العقل، ولا بنحو الكشف لتوقفه على قيام دليل علي بطلان التبعيض في الاحتياط، ولم يقم فتكون النتيجة التبعيض في الاحتياط لا حجية الظن. وعليه فيسقط كثير من المباحث التي تعرضوا لها في المقام: