واختار صاحب الكفاية (ره) عدم حكومة قاعدة نفي الحرج والضرر على قاعدة الاحتياط، بدعوى ان ظاهر الأدلة إنما هو نفي الحكم بلسان نفي الموضوع، وان النفي بحسب ظاهر الأدلة متوجه إلى الفعل الحرجي أو الضرري ويكون المراد نفي الحكم عن الفعل الحرجي أو الضرري، نظير قوله عليه السلام:
(لا ربا بين الوالد والولد) فإنه نفي للحكم بلسان نفي الموضوع، فإذا لا تكون قاعدة نفي الحرج والضرر حاكمة على قاعدة الاحتياط، إذ الفعل الذي تعلق به الحكم الشرعي واقعا المردد بين أطراف الشبهة ليس حرجيا ولا ضرريا، كي يرتفع حكمه بأدلة نفي الحرج والضرر، بل الحرج انما ينشأ من الاحتياط، والجمع بين المحتملات، ووجوب الجمع بين المحتملات ليس حكما شرعيا ليرتفع بأدلة نفي الحرج، وانما هو بحكم العقل، وعليه فلا بد من الاحتياط وان كان مستلزما للعسر والحرج.
والصحيح ما ذكره الشيخ (ره) من حكومة قاعدة نفي الحرج على قاعدة الاحتياط، اما (أولا) - فلان ظاهر أدلة نفي الحرج أو الضرر ليس نفي الحكم بلسان نفي الموضوع، على ما ذكره صاحب الكفاية (ره) لان الفعل الضرري ليس مذكورا في لسان الأدلة، انما المذكور لفظ الضرر، وليس لفظ الضرر عنوانا للفعل ليكون النفي راجعا إلى الفعل الضرري، فلو كان المراد نفي الحكم بلسان نفي الموضوع لكان المفاد نفي حرمة الضرر، كما هو الحال في قوله عليه السلام:
(لا ربا بين الوالد والولد) فان المراد نفي حرمة الربا بينهما، فلو كان المراد من قوله عليه السلام لا ضرر... الخ نفي الحكم بلسان نفي الموضوع، لكان معناه نفي حرمة الاضرار بالغير، وهذا مما لم يلتزم به أحد حتى صاحب الكفاية نفسه (ره)، فان حرمة الاضرار بالغير مما لا كلام فيه، بل ولا اشكال في حرمة الاضرار بالنفس في الجملة. فهذا المعنى مما لا يمكن الالتزام به في أدلة نفي الحرج والضرر، فيدور